للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرقة بالضم: المشقة، وبالفتح: الغلبة والقهر.

{وَوَضَعَتْهُ}؛ أي: ولدته {كُرْهًا} وهي شدة الطلق. وفي الحديث (١) "اشتدي أزمة تنفرجي". قال - صلى الله عليه وسلم - لامرأة مسماة بأزمة، حين أخذها الطلق؛ أي: تصبري يا أزمة حتى تنفرجي عن قريب بالوضع. كذا في "المقاصد الحسنة".

والمعنى: أي حملته في بطنها بمشقة، فقاست في حال حمله مشقةً وتعبًا، من وَحْمٍ وغثيانٍ وثقلٍ وكربٍ، ووضعته بمشقةٍ أيضًا، فقاست بسبب وضعه مشقة ألم الطلق وشدته، ووجع الولادة، ثم الرضاع والتربية، وكانت أيام الوحم تمنع من الطعام والشراب، وتعاف كل شيء، وكل هذا مما يستدعي البر بها، والإحسان الزائد إليها، واستحقاقها للكرامة، وجميل الصحبة.

ثم بين سبحانه مدة حمله وفصاله، فقال: {وَحَمْلُهُ}؛ أي: ومدة حمله في البطن {وَفِصَالُهُ} وهو الفطام؛ أي: قطع الولد ومنعه عن اللبن. والمراد به: الرضاع التام المنتهى به، فيكون مجازًا مرسلًا عن الرضاع التام، بعلاقة أنّ أحدهما بغاية الآخر ومنتهاه، كما أراد بالأمد المدّة من قال:

كُلُّ حَيٍّ مُسْتَكْمِلٌ مُدَّةَ الْعُمْـ ... ـرِ وَمَرْديٌّ إِذَا انْتَهَى أَمَدُهُ

أي: هالك إذا انتهت مدة عمره، ونظيره: التعبير عن المسافة بالغاية في قولهم: مَن لابتداء الغاية، وإلى لانتهاء الغاية؛ أي: ومدة حمله ورضاعه {ثَلَاثُونَ شَهْرًا} تمضي عليها بمقاساة الشدائد، والشهر: مدة معروفة مشهورة بإهلال الهلال، أو باعتبار جزء من اثني عشر جزءًا من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة، سمي به لشهرته، والمراد به: الشهر القمري، لا الشمسي.

وقرأ الجمهور {وَفِصَالُهُ}، وهو مصدر فاصل الرباعيِّ، كأنه من اثنين فاصل أمه وفاصلته، وقرأ أبو رجاء والحسن وقتادة والجحدري: {وفَصْلُه}. قيل: والفصل والفصال: مصدران، كالفطم والفطام.


(١) روح البيان.