وضم الميم. {كُلَّ شَيْءٍ} بالنصب، وقرىء:{يَدْمُر} بالتحتية المفتوحة والدال الساكنة، والميم المضمومة، ورفع {كل} على الفاعلية، من دمر دمارًا: إذا هلك {فَأَصْبَحُوا}، أي: صاروا من العذاب بحال {لَا يُرَى} فيها {إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} بعد ذهاب أنفسهم وأموالهم، و {الفاء}: عاطفة على محذوف، تقديره: فجاءتهم الريح فدمَّرتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم.
وقرأ الجمهور (١){لا تَرَى إلا مساكنهم} بفتح التاء الفوقية على الخطاب، ونصب {مساكنهم}؛ أي: لاترى أنت يا محمد، أو كل من يصلح للرؤية إلا مساكنهم بعد ذهاب أنفسهم وأموالهم، وقرأ عبد الله ومجاهد وزيد بن علي وقتادة وأبو حيوة وطلحة وعيسى والحسن وعمرو بن ميمون بخلافٍ عنهما، وعاصم وحمزة:{لَا يُرَى} بالتحتية المضمومة مبنيًا للمفعول، ورفع {مَسَاكِنُهُمْ} قال سيبويه: معناه: لا يرى أشخاصُهم إلا مساكنَهم واختار أبو عبيد وأبو حاتم هذه القراءة، قال الكسائي، والزجاج: معناها: لا يُرى شيء إلا مساكنهم، فهي محمولة على المعنى، كما تقول: ما قام إلا هند، والمعنى: ما قام أحد إلا هند، وقرأ الجحدريّ، والأعمش، وابن أبي إسحاق والسلميّ: بالتاء من فوق مضمومة، {مَسَاكِنُهُمْ} بالرفع. وهذا لا يجيزه أصحابنا إلا في الشعر، كقوله:
فَمَا بَقِيَتْ إلَّا الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ
وبعضهم يجيزه في الكلام، وقرأ عيسى الهمدانيّ:{لا يرى} بضم الياء، {إلا مسكنهم} بالتوحيد، وروى هذا عن الأعمش، ونصر بن عاصم، وقرىء:{لا ترى} بتاء مفتوحة للخطاب، {إلا مسكنهم} بالتوحيد مفردًا منصوبًا. واجتزىء بالمفرد عن الجمع تصغيرًا لشانهم، وأنهم لمّا هلكوا في وقت واحد .. فكأنهم كانوا في مسكن واحد. {كَذَلِكَ}{الكاف}: صفة لمصدر محذوف، تقديره: جزاءً مثل ذلك الجزاء الفظيع، يعني: الهلاك بعذاب الاستئصال {نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}؛ أي: المتمردّين في الإجرام المستمريّن على الإشراك الذين منهم هؤلاء.