للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الدنيا، كما خلد إبليس، والجن يتوالدون، وفيهم ذكور وإناث، ويموتون.

يقول الفقير: يؤيّده: ما ثبت أنَّ في الجنّ مذاهب مختلفة كالإنس، حتى الرافضي ونحوه، وإنّ بينهم حروبًا وقتالًا، ولكن يشكل قولهم: إبليس هو أبو الجنّ، فإنه يقتضي أن لا يكون بينهم وبين الشياطين فرق، إلا بالإيمان والكفر فاعرف.

{يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} حال مقدرة من {نَفَرًا} لتخصيصه بالصفة، أو صفة أخرى له، ونقل بعضهم: إنّ أولئك الجنّ كانوا يهودًا فأسلموا.

أي: واذكر يا محمد لقومك وقت صرفنا إليك نفرًا كائنًا من الجنّ، مقدَّرا استماعهم القرآن، {فَلَمَّا حَضَرُوهُ}؛ أي: حضروا القرآن عند تلاوته، وقيل: حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويكون في الكلام التفاتٌ من الخطاب إلى الغيبة، والأوَّل أولى.

{قَالُوا}؛ أي: قال بعضهم لبعض: {أَنْصِتُوا}؛ أي: اسكتوا لنسمعه، وفيه إشارة إلى أنّ من شأنهم فضول الكلام واللغط كالإنس، ورمز إلى الحرص المقبول. قال بعض العارفين: هيبة الخطاب، وحشمة المشاهدة، حبست ألسنتهم، فإنّه ليس في مقام الحضرة إلّا الخمول والذبول؛ أي: أمر بعضهم بعضًا بالإنصات لأجل أن يسمعوا.

{فَلَمَّا قُضِيَ} القرآن؛ أي: فرغ من تلاوته {وَلَّوْا}؛ أي: انصرفوا {إِلَى قَوْمِهِمْ} ورجعوا إليهم، حال كونهم {مُنْذِرِينَ} لهم؛ أي: مقدرين إنذارهم عند رجوعهم إليهم؛ يعني: آمنوا به، وأجابوا إلى ما سمعوا، ورجعوا إلى قومهم منذرين؛ أي: مخوّفين لهم من عقاب الله إن خالفوه؛ أي: انصرفوا وتفرقوا في البلاد، قاصدين إلى من ورائهم من قومهم، منذرين لهم عن مخالفة القرآن، ومحذّرين لهم، ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة أن يكونوا رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ يجوز أن يكون الرجل نذيرًا ولا يكون نبيًا أو رسولًا من جانب أحد، فالنذارة في الجنّ من غير نبوّة، وفي "الخطيب": رجعوا إلى قومهم منذرين بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلهم رسلًا إلى قومهم. اهـ.