القاري. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أولئك تسعة: سليط، شاصر، ماصر، حاصر، حسا، مسا، عليم، أرقم، أدرس. قيل: ومنهم زوبعة. قال في "القاموس": الزوبعة بفتح الزاي المعجمة والباء الموحدة: اسم شيطان، أو رئيس الجنّ، فتكون الأسماء عشرة.
تنبيه (١): ذكروا في سبب هذه الواقعة قولين:
أحدهما: أنّ الجنّ كانت تسترق السمع، فلمّا رجموا من السماء حين بعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ... قالوا: ما هذا إلّا لشيء أحدث في الأرض، فذهبوا فيها يطلبون، وكان قد اتفق أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة الحادية عشرة من النبوّة، لمّا أيس من أهل مكة .. خرج إلى الطائف يدعوهم إلى الإِسلام فلم يجيبوه، فانصرف راجعًا إلى مكة، فقام ببطن نخلة يقرأ القرآن، فمرّ به نفر من جنّ نصيبين، كان إبليس قد بعثهم يطلبون السبب الذي أوجب حراسة السماء بالرجم بالشهب، فسمعوا القرآن، فعرفوا أنّ ذلك هو السبب.
والقول الثاني: أنّ الله أمر رسوله أن ينذر الجنّ، ويدعوهم إلى الله، ويقرأ عليهم القرآن، فصرف الله إليه نفرًا منهم يستمعون القرآن، وينذرون قومهم، وذلك لأنّ الجنّ مكلّفون، لهم الثواب، وعليهم العقاب، ويدخلون الجنة، ويأكلون فيها، ويشربون كالإنس، فانتهض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، وقال:"إنّي أمرت أن أقرأ على الجنّ الليلة القرآن، فأيكم يتبعني" فأطرقوا، فتبعه عبد الله بن مسعود، قال عبد الله بن مسعود: ولم يحضر معه أحد غيري، قال: فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة .. دخل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شعبًا يقال له: شعب الحجون، وخط لي خطّا، وأمرني أن أجلس فيه، وقال لي: لا تخرج حتى أعود إليك، فانطلق حتى وصل إليهم، فافتتح القرآن، فجعلت أرى أمثال النسور تهوي، وسمعت لغطًا شديدًا، حتى خفت على نبيّ الله، وغشيته أسودة كثيرة، حالت بيني وبينه، حتى لم أسمع صوته، ثمّ طفقوا يتقطّعون مثل قطع السحاب ذاهبين، ففرغ النبيّ منهم مع الفجر،