المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، إشعارٌ بعراقتهم في الذنب، وفرط افتقارهم إلى الاستغفار، وهو سؤال المغفرة، وطلب الستر، إما من إصابة الذنب، فيكون حاصله العصمة والحفظ، وإما من إصابة عقوبة الذنب، فيكون حاصله العفو والمحو.
والمعنى (١): أي إذا علمت سعادة المؤمنين، وعذاب الكافرين .. فاستمسك بما أنت عليه من موجبات السعادة، واستكمل حظوظ نفسك بالاستغفار من ذنبك - وذنوب الأنبياء أن يتركوا ما هو الأولى بمنصبهم الجليل - وتوجه بالدعاء والاستغفار لأتباعك من المؤمنين والمؤمنات.
وفي الحديث الصحيح: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به منيّ، اللهم اغفر لي هزلي، وجدي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي". وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر الصلاة:"اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به منّي، أنت إلهي لا إله أنت". وجاء أيضًا أنه قال:"أيها الناس، توبوا إلى ربكم، فإنّي أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة". وفي رواية:"مئة مرة". وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما، فإنّ إبليس قال: إنما أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك .. أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون". وفي الأثر المرويّ:"قال إبليس: وعزّتك وجلالك، لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله عَزَّ وَجَلَّ: وعزّتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني".
ثم رغَّبهم سبحانه في امتثال ما يأمرهم به، ورهَّبهم مما ينهاهم عنه، فقال:{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ}؛ أي: مكان تقلبكم الذي تتقلبون فيه في