للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكرمًا، وهذا هو المراد في الآية الأولى، وأنّ له تعالى جنودًا للعذاب، يسلِّطهم على الكفار، ويعذبهم بهم في جهنم. كما قال تعالى: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ}. والمراد هاهنا: جنود العذاب، كما ينبىء عنه التعرض لوصف العزة، فإنَّ عادته تعالى أن يصف نفسه بالعزة في مقام ذكر العذاب والانتقام، وفي "الفتوحات": ذكر جملة قوله: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} سابقًا على أنّ المراد به: أنه المدبّر لأمر المخلوقات بمقتضى حكمته، فلذلك ذيلَّه بقوله: {عَلِيمًا حَكِيمًا}. وهنا أريد به: التهديد بأنهم في قبضة قدرة المنتقم، فلذلك ذيله بقوله: {عَزِيزًا حَكِيمًا} فلا تكرار. انتهى.

قال في "برهان القرآن": الأول متصل بإنزال السكينة وازياد إيمان المؤمنين، فكان الموضوع موضع علم وحكمة، وأما الثاني والثالث الذي بعده، فمتصلان بالعذاب والغضب، وسلب الأموال والغنائم، فكان الموضع موضع عزّ وغلبة وحكمة، روي: أنه لمّا جرى صلح الحديية .. قال عبد الله بن أبي رئيس المنافقين: أيظن محمد أنه إذا صالح أهل مكة أو فتحها .. لا يبقى له عدوّ، فأين فارس والروم؟ فبيَّن سبحانه أن جنود السموات والأرض، أكثر من فارس والروم.

خلاصة ما سلف (١): أنّه قد ترتَّب على هذا الفتح أربعة أشياء للنبي - صلى الله عليه وسلم -:

١ - مغفرة الذنوب.

٢ - اجتماع الملك والنبوّة.

٣ - الهداية إلى الصراط المستقيم.

٤ - العزّة والمنعة.

وفاز المؤمنون بأربعة أشياء:

١ - الطمأنينة والوقار.

٢ - ازدياد الإيمان.


(١) المراغي.