للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعدي المفتي (١): إن كان نزولها بعد فتح خيبر، كما هو الظاهر .. لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية، وإن كان قبله، على أنها من الإخبار بالغيب .. فالإشارة بهذه لتنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة، والتعبير بالمضي للتحقق.

وقوله: {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}: معطوف على علة أخرى محذوفة من أحد الفعلين؛ أي: فعجل لكم هذه، أو كفّ أيدي الناس عنكم لتغتنموها, ولتكون هذه الكفة أمارةً للمؤمنين يعرفون بها صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وعده إياهم عند رجوعه من الحديبية ما ذكر من الغنائم، وفتح مكة، ودخول المسجد الحرام؛ أي (٢): لتنفعكم في الظاهر، وتنفعكم في الباطن، حيث يزداد يقينكم إذا رأيتم صدق الرسول في إخباره عن الغيوب، فيكمل اعتقادكم؛ أي: عجّل الله فتح خيبر ليكون ذلك الفتح وهو هزيمة أهل خيبر وسلامتكم عبرةً للمؤمنين؛ لأنكم كنتم ثمانية آلاف، وأن أهل خيبر كانوا سبعين ألفا، وكفّ أيدي الناس عنكم، وعن عيالكم؛ ليكون ذلك الكف علامة للمؤمنين، فيعلموا أنّ الله يحرسهم في مشهدهم ومغيبهم.

ويجوز (٣) أن تكون {الواو}: اعتراضية على أن تكون اللام متعلقة بمحذوف مؤخرٍ؛ أي: ولتكون آيةً لهم فعل ما فعل من التعجيل، وقيل: إن {الواو}: زائدة، و {اللام}: لتعليل ما قبلها؛ أي: كفّ أيدي الناس عنكم؛ لتكون لتلك الكفّة آية للمؤمنين.

{وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}؛ أي: طريق التوكّل عليه تعالى، والثقة بفضله تعالى في كلّ ما تأتون وما تذرون، أو يزيدكم بتلك الآية هدى، أو يثبّتكم بها على الهداية إلى طريق الحق.

ومعنى الآية: أي (٤) وعدكم الله سبحانه مغانم كثيرة من غنائم أهل الشرك


(١) روح البيان.
(٢) المراح.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.