للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمساكين، ونظرهم في دلائل التوحيد، التي في الآفاق والأنفس، وتفكيرهم في ملكوت السموات والأرض، مصدقين قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}. ثمّ أقسم بربّ السماء والأرض، إنّ ما توعدون من البعث والجزاء لحق، لا شك فيه، كما لا شك في نطقكم حين تنطقون.

قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ...} الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه لمّا ذكر إنكار قومه بالبعث والنشور، حتى أقسم لهم بعزّته أنه كائن لا محالة .. سلّى رسوله - صلى الله عليه وسلم - فأبان له أنه ليس ببدع في الرسل، وأنّ قومه ليسوا ببدع في الأمم، وأنهم إن تمادوا في غيّهم، وأصرّوا على كفرهم، ولم يقلعوا عمّا هم عليه .. فسيحل بهم مثل ما حلّ بمن قبلهم من الأمم الخالية.

وذكر إبراهيم عليه السلام من بين الأنبياء؛ لكونه شيخ المرسلين، وكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على سننه، كما قال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)} ولأنّ العرب كانت تجله وتحترمه، وتدعي أنها على دينه.

وأتى (١) بالقصص بأسلوب الاستفهام؛ تفخيمًا لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك: هل بلغك كذا وكذا؟ وأنت تعلم أنه لم يبلغه؛ توجيهًا لأنظاره حتى يصغي إليه ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر، لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة تنبيهًا إلى أنّ الرسول لم يعلم به إلا من طريق الوحي.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)} الآية، سبب نزول هذه الآية (٢): ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الحنفية: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سريّة، فأصابوا وغنموا، فجاء قوم بعدما فرغوا، فنزلت


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.