والخلاصة: أنها استبعدت الولادة لسببين: كبر السن, والعقم، وقد كانت لا تلد في عنفوان شبابها، والآن قد عجزت وأيست، فأجدر بها الآن أن لا تلد، فكأنها قالت: ليتكم دعوتم دعاء قريبًا من الإجابة، ظنًّا منها أنّ ذلك منهم كما يصدر من الضيف من الدعوات الطيبة، كما يقول الداعي: أعطاك الله مالًا، ورزقك ولدًا، فردّوا عليها بأنّ هذا ليس منّا بدعاء، وإنما ذلك قول الله تعالى.
ولم تكن (١) هذه المفاوضة مع سارة فقط، بل مع إبراهيم أيضًا، حسبما شرح في سورة الحجر، وإنما لم يذكر هنا اكتفاء بما ذكر هناك، كما أنه لم يذكر هناك سارّة، اكتفاءً بما ذكر هاهنا، وفي سورة هود، وفي الآية إشارة إلى أنه لا يجوز اليأس من فضل الله تعالى، فإنّ المقدور كائن ولو بعد حين، وقد أورقت وأثمرت شجرة مريم عليها السلام أيضًا، وكانت يابسة كما مرّ في سورة مريم، وقد اشتغل أفراد في كبرهم، ففاقوا على أقرانهم في العلم، فبعض محرومي البداية، مرزقون في النهاية، فمنهم: إبراهيم بن أدهم وفضيل بن عياض ومالك بن دينار، رحمهم الله تعالى.