الخاص على العام؛ لأن الإفساد عام يكون بأنواع من الجور والقتل والنهب والسبي والكفر، ويدخل تحته إهلاك الحرث والنسل، وفائدة هذا العطف: الاهتمام بشأن هذا الخاص؛ لأنهما أعظم ما يحتاج إليه في عمارة الدنيا، فكان إفسادهما غاية الإفساد.
{أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} فيه استعارة تصريحية تبعية، وتقريرها أن يقال: شبه حال حمية الجاهل، وحملها إياه على الإثم بحالة شخص له على غريمه حق، فيأخذه به ويلزمه إياه بجامع اللزوم في كل، ثم اشتق من الأخذ بمعنى الحمل أخذ بمعنى حمل على طريقة الاستعارة التصريحية التبعية، وفي قوله:{الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} التتميم، وهو نوع من علم البديع؛ وهو عبارة عن إرداف الكلمة بأخرى ترفع عنها اللبس، وتقربها من الفهم، وذلك أن العزة تكون محمودة ومذمومة، فَمِنْ مجيئها محمودة قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ولو أطلقت .. لتوهم فيها بعض من لا دراية له أنها المحمودة، فقيل {بالإثم} توضيحًا للمراد. فرفع اللبس بها.
{وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} فهذا من باب التهكم والاستهزاء؛ أي: جعلت لهم جهنم غطاء ووطاء فأكرمهم بذلك كما تكرم الأم ولدها بالغطاء، والوطاء: اللين.
{هَلْ يَنْظُرُونَ} استفهام إنكاري في معنى النفي بدليل مجيء {إِلَّا} بعدها؛ أي: ما ينظرون، والاستفهام الإنكاري هو حمل المخاطب على الإنكار بأمر عُلِمَ عنده نفيه، والضمير في {يَنْظُرُونَ} عائد على المخاطبين بقوله: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ} ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، وفائدة هذا الالتفات: الإشعار بأن سوء صنيعهم موجب للإعراض عنهم، وحكاية جنايتهم لمن عداهم من أهل الإنصاف على طريق المهانة.
{فِي ظُلَلٍ} التنكير فيه للتهويل، فهي في غاية الهول والمهابة؛ لما لها من الكثافة التي تغم على الرائي ما فيها. {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} فيه وضع الماضي موضع المستقبل، والأصل: ويقضي الأمر، وفائدته: الدلالة على أنه محقَّقٌ، فكأنه قد كان كقوله:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}.