للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وملكًا، فيفقر قومًا ويغني آخرين، وأن أمر المعاد تحت قبضته، وأن الخلق إذ ذاك يرجعون إليه، وأن بعض الأمم كذبت رسلها، وأنكرت الخالق فأصابها ما أصابها .. قفى على هذا بالتعجيب من أمر الإنسان، وأنه كيف يتشكك في هذا، ويجادل فيه منكرًا له، وتد جاء النذير به فعليكم أن تصدقوه، وتؤمنوا به قبل أن يحل بكم عذاب يوم عظيم قد أزف، ولا يقدر على كشفه أحد إلا هو، فلا تعجبوا من القرآن منكرين، ولا تضحكوا منه مستهزئين، وابكلوا حزنًا على ما فرطتم في جنب الله، وعلى غفلتكم عن مواعظه وحكمه التي فيها سعادتكم في دنياك وآخرتكم، واسجدوا شكرًا لبارىء النسم الذي أوجدها من العدم، واعبدوه بكرةً وعشبًا شكرًا على آلائه، وتقلبكم في نعمانه.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ...} الآيات، سبب نزولها (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في غزوة، فجاء رجل يريد أن يحمل، فلم يجد ما يخرج عليه، فلقي صديقًا له، فقال: أعطني شيئًا فقال: أعطيك بكري هذا على أن تتحمل ذنوبي، فقال له: نعم. فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣)} الآيات.

وقال مجاهد، وابن زيد (٢): إن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، وكان قد سمع قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلس إليه، ووعظه، فلان قلبه للإسلام، فطمع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إنه عاتبه رجل من المشركين، وقال له: أأتترك ملة آبائك ارجع إلى دينك، واثبت عليه، وأنا أتحمل عنك كل شيء تخافه في الآخرة، لكن على أن تعطبني كذا وكذا من المال، فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عما هم به من الإِسلام، وضل ضلالًا بعيدًا، وأعطى بعض المال لذلك الرجل، ثم أمسك عنه وشحَّ.

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال (٣): إنّ رجلًا أسلم، فلقيه بعض من يعيره،


(١) لباب النقول.
(٢) المراغي.
(٣) لباب النقول.