والمعنى: أي فاخضعوا، وأخلصوا له العمل حنفاء غير مشركين به. فهو الذي أنزله على عبده ورسوله هاديًا وبشيرًا لكم لعلكم ترحمون. ودعوا ما أنتم عليه من عبادة الأوثان، والأصنام التي لا تغني عنكم شيئًا، لا تدفع عنكم ضرًّا، ولا تجديكم نفعًا، كما قال آمرًا رسوله أن يقول لهم:{قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}.
وهذا محل السجود عند أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. روى الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ والنجم، فسجد فيها وسجد من كان معه غير أنّ شيخًا من قريش أخذ كفًّا من حصباء أو تراب فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرًا. زاد البخاري في رواية له قال: أول سورة نزلت فيها السجدة النجم، وذكره، وقال في آخره: وهو أميّة بن خلف.
وروى البخاري عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم؛ وسجد معه المسلمون، والمشركون، والجن والإنس. ولم يرها مالك لما روى الشيخان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد فيها. نفي هذا الحديث دليل على أن سجود التلاوة غير واجب. وهو قول الشافعي، وأحمد.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. وذهب قوم إلى وجوبها على القارىء، والمستمع. وهو قول سفيان، وأصحاب الرأي. والله سبحانه وتعالى أعلم.