قوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر قصص قوم نوح، وما فيه من العبرة لمن تدبر وفكر .. أعقبه بقصص عاد قوم هود ليبين للمكذّبين أنَّ عاقبة كلّ مكذب الهلاك والبوار، وإن تعددت أسبابه.
فقد أرسل الله عليهم ريحًا عاصفًا لصوتها صرير، حين هبوطها في يوم شؤم عليهم، واستمر بهم البلاء حتى حل بهم الدمار، وكانت الريح لشدتها تقتلع الناس من الأرض، وترفعهم إلى السماء، ثم ترمي بهم على رؤوسهم، فتندق رقابهم، وتبين من أجسامهم. فانظروا أيها المكذبون إلى ما حل بهم من العذاب جزاء تكذيبهم لرسولهم كما هي سنة الله في أمثالهم من المكذبين.
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) ...} الآيات، لما فرغ الله سبحانه من ذكر قصة عاد .. قص علينا قصص ثمود مع نبيها صالح إذ قالوا: أنحن العدد الجم والكثرة الساحقة، نتبع واحدًا منا لا امتياز له عنا، إنا إذا فعلنا ذلك لفي ضلال وبعد عن محجة الصواب، وإنه لكاذب فيما يدعيه من الوحي عن ربه، وما هو إلا بشر، وليس بملك. فقال لهم ربهم: ستعلمون بعد حين قريب من الكذاب البطر. وقد جعلنا ناقة فتنة واختبارًا لهم، فأمرناه أن يخبرهم بأن ماء البئر يقسم بينها وبينهم، فلها يوم ولهم يوم آخر. فما ارتضوا هذا، وقام فاسقهم قدار، وعقر الناقة، فخرت صريعة، فجازاهم الله تعالى، فأرسل عليهم العذاب فصاروا كالهشيم الذي يتفتت حين بناء حظيرة الماشبة.
قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) ...} الآيات، لما فرغ الله سبحانه من قصة ثمود .. ذكر هنا تكذيب قوم لوط لنبيهم، ومخالفتهم إيّاه، واجتراحهم من السيئات ما لم يسبقهم به أحد من العالمين بإتيانهم الذكران دون النساء، ثم أردف ذكر عذابهم بإرسال حجارة من سجيل عليهم إلا من آمن منهم، فقد نجاهم بسحر، وما أهلكهم إلا بعد أن أنذرهم عذابه على لسان رسوله، فكذبوه.