وننزيهٌ له تعالى (١). فيه تقرير لما ذكر في السورة الكريمة من آلائه الفائضة على الأنام، أي: تعالى اسمه الجليل الذي من جملته ما صدرت به السورة من اسم الرحمن المنبىء عن إفاضة الآلاء المفصلة، وارتفع عما لا يليق بشأنه من الأمور التي من جملتها: جحود نعمائه، وتكذيبها. وإذا كان حال اسمه بملابسة دلالته عليه، كذلك فما ظنك ذاته الأقدس الأعلى؟ وقيل: الاسم بمعنى الصفة؛ أي: تنزهت، وتقدست صفات ربك عن النقائص، كالعلم من الجهل، والقدرة من العجز. وقيل: لفظ {اسم} مقحم كقوله:
والمعنى: تقدس، وتنزه، وتعالى ربك عن كل ما لا يليق به من جميع النقائص. وقال في "فتح الرحمن": وهذا الموضع مما أريد فيه بالاسم مسماه؛ أي: تبارك مسمى ربك، وذاته الأقدس عن النقائص. وفي "التأويلات النجمية": وهذا يدل على أن الاسم هو المسمى؛ لأن المتعالي هو المسمى في ذاته لا الاسم، وكذا الموصوف بالقهر، واللطف، والجلال، والإكرام هو المسمى فحسب، انتهى.
وقوله:{ذِي الْجَلَالِ}؛ أي: ذي العظمة والكبرياء {وَالْإِكْرَامِ}؛ أي: ذي الإفضال التام والإحسان العام. وصف به الرب عز وجل تكميلًا لما ذكر من التنزيه والتقرير.
قال الزروقي: من عرف أنه تعالى ذو الجلال والاكرام هابه لمكان الجلال، وأنس به لمكان الإكرام، فكان بين الخوف والرجاء. وهو اسم الله الأعظم. وقال بعضهم: أسماء الله تعالى كلها أعظم لدلالتها على العظيم، فإنه إذا عظم الذات والمسمى عظم الأسماء والصفات، ويا ذا الجلال والإكرام من الأسماء التي جاء في الحديث أن يدعى الله بها، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَلِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام". وقرأ الجمهور {ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} على أنه صفة لربك، وابن عامر، وأهل الشام {ذو}