تزلزل، فيندك ما عليها من جبال وأبنية، وأنَّ الجبال تتفتت، وتصير كالغبار المنتشر في الجو، وأن الناس إذ ذاك ينقسمون أفواجًا ثلاثة: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة، والسابقون.
قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما ذكر (١) أنَّ الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: سابقون، وأصحاب ميمنة، وأصحاب مشأمة .. أعقب ذلك بذكر ما يتمتع به السابقون من النعيم في فرشهم، وطعامهم، وشرابهم، ونسائهم، وأحاديثهم التي تدل على صفاء النفس، وأدب الخلق، وسمو العقل.
قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما ذكر حال السابقين، وبين ما لهم من نعيم مقيم في جنّات النعيم .. أردف ذلك بذكر حال أصحاب اليمين، فبين أنهم في جنات يتخللها السدر المخضود، والموز المنضد بعضه فوق بمعنى، والفاكهة الكثيرة التي لا تنقطع أبدًا، ولا تمتنع عنهم متى شاؤوا، وفيها فرش وثيرة مرتفعة عالية، ونساء حسان أبكار في سن واحدة.
قوله تعالى:{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه لما ذكر زوجين من الأزواج الثلاثة، وبين ما يلقاه كل منهم من عز مقيم وشرف عظيم في جنات ونعيم، في جملة شؤونهم في مآكلهم، ومشاربهم، وفرشهم، وأزواجهم .. أردف ذلك بذكر الزوج الثالث، وبين ما يلقاه من النكال، والوبال، وسوء الحال. فهو يتلظى في السموم، ويشرب ماء كالمهل يشوي الوجوه، ثم أعقبه بذكر السبب في هذا بأنهم كانوا في دنياهم مترفين غارقين في ذنوبهم، منكرين هذا اليوم يوم الجزاء. ثم أمره أن يخبرهم بأن هذا اليوم واقع حتمًا، وأن مأكلهم سيكون من شجر الزقوم، يملؤون منه البطون، ثم يشربون؛ ولا يرتوون كالإبل الهيم. وهذا ما أعد لهم من كرم وحسن وفادة في هذا اليوم.