للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قصد ولا نية، ويعضده ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: نزل قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} في قول الرجل: لا والله، بلى والله. أخرجه البخاري موقوفًا، ورفعه أبو داود.

وقال أبو حنيفة ومالك: اللغو من اليمين: هو أن يحلف الرجل على شيء يرى أنه صادق، ثم يتبين له خلاف ذلك، فلا إثم فيه، ولا كفارة له عندهما بخلاف الشافعي فيهما.

ومعنى الآية عند الشافعي: لا يؤاخذكم الله بغير المقصود لقلوبكم، وإنما يؤاخذكم بالمقصود لها، وعند أبي حنيفة ومالك لا يؤاخذكم باللغو؛ أي: بما حلفتم عليه معتقدين حقيقته بحيث يكون اللسان موافقًا للجنان ثم تبين خلافه، ولكن يؤاخذكم بما حلفتم عليه غير معتقدين حقيقته، وهي اليمين الغموس؛ أي: ولكن يؤاخذكم بما كسبته واقترفته قلوبكم من إثم القصد إلى الكذب.

ومذهب الشافعي: هو قول عائشة رضي الله عنهما والشعبي، وعكرمة، ومذهب أبي حنيفة: هو قول ابن عباس رضي الله عنهما والحسن، ومجاهد، والنخعي، والزهري، وسليمان بن يسار، وقتادة، ومكحول.

{وَاللهُ غَفُورٌ} لعباده فيما لغوا من أيمانهم {حَلِيمٌ} حيث لم يعجل العقوبة على يمين الجد تربصًا للتوبة، وجاءت هاتان الصفتان تدلان على توسعة الله على عباده حيث لم يؤاخذهم باللغو في الإيمان.

الإعراب

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}.

{يَسْأَلُونَكَ}: فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة مستأنفة استئنافًا نحويًّا. {عَنِ الْخَمْرِ}: جار ومجرور في محل النصب مفعول ثان. {وَالْمَيْسِرِ}: معطوف على {الْخَمْرِ}. {قُلْ}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة جملة جوابية لا محل لها من الإعراب. {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}: مقول محكي لـ {قُلْ}، وإن شئت قلتَ: {فِيهِمَا}: