التكفير والحاكم يجبر عليه بالحبس ثم بالضرب، فالنكاح باقٍ والحرمة لا تزول إلا بالتكفير. وكذا لو طلقها ثم تزوجها بعد العدة أو زوج آخر .. حرم وطؤها قبل التكفير، ثم العود الموجب لكفارة الظهار عند أبي حنيفة هو: العزم على جماعها، كما مر. فمتى عزم على ذلك لم تحل له حتى يكفر، ولو مات بعد مدة قبل أن يكفر .. سقطت عنه الكفارة؛ لفوت العزم على جماعها.
والمعنى (١): أي والذين يقولون هذا القول المنكر الزور ثم يتداركونه بنقضه ويرجعون عمّا قالوا فيريدون المسيس .. فعلى كل منهم عتق عبد أو أمة قبل التماس إن كان ذلك لديه.
ثم بيّن السبب في شرع هذا الحكم، فقال:{ذَلِكُمْ} الحكم بالكفارة أيها المؤمنون. وهو مبتدأ خبره قوله:{تُوعَظُونَ بِهِ}؛ أي: تؤمرون به أو تزجرون به؛ لأن الوعظ زجر يقترن بتخويف؛ أي: تزجرون به من ارتكاب المنكر المذكور. فإن الغرامات مزاجر من تعاطي الجنايات. والمراد بذكره: بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذي هو علم في استتباع الثواب العظيم، بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه.
والحاصل: أن في المؤاخذة الدنيوية نفعًا لكلّ من المظاهر وغير المظاهر؛ بان يحصل للمُظاهر الكفارة والتدارك، ولغير المُظاهر الاحتياط والاجتناب. وقال الزجاج: معنى الآية: ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به؛ أي: إن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار، انتهى.
{وَاللَّهُ} سبحانه {بِمَا تَعْمَلُونَ} من جناية الظهار والتكفير ونحو ذلك من قليل وكثير {خَبِيرٌ}؛ أي: عالم بظواهرها وبواطنها، ومجازيكم بها، فحافظوا حدود ما شرع لكم، ولا تخلوا بشيء منها.
والمعنى: أي إنه شرع لكم حكم الكفارة عند طلب العودة إلى المسيس ليكون ذلك زاجرًا لكم من ارتكاب المنكر، فإن الكفارة تمنع من وقوع الجرم. والله خبير بأعمالكم، لا يخفى عليه شيء منها، وهو مجازيكم بها، فانتهوا عن قول المنكر،