الحيض في بعض الأوقات. {إِنْ كُنَّ} تلك المطلقات {يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ} ورسوله {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} وجواب الشرط محذوف، فلا يحل لهن ذلك الكتمان، ولا يجترئن عليه، وهذا وعيد شديد لتأكيد تحريم الكتمان، وإيجاب أداء الأمانة بالإخبار عما في الرحم من الحيض والحبل.
والمعنى: أن هذا من فعل المؤمنات، وإن كانت المؤمنة والكافرة فيه سواء، كقولك: أدِّ حقي إن كنت مؤمنًا؛ يعني: أن أداء الحقوق من أفعال المؤمنين. {وَبُعُولَتُهُنَّ}؛ أي: أزواج تلك المطلقات، والبعولة جمع بعل، سمي الزوج بعلًا؛ لقيامه بأمر زوجته، وأصل البعل السيد والمالك {أَحَقُّ} وأولى {بِرَدِّهِنَّ}؛ أي: بمراجعتهن ولو أبين {فِي ذَلِكَ}؛ أي: في زمن ذلك التربص الذي أمرن أن يتربصن فيه، وهو زمن الأقراء الثلاثة، فلا حق لغيرهم في ردهن ورجعتهن، فأفعل التفضيل ليس على بابه، فكأنه قال: وبعولتهن حقيقون بردهن، وقرأ مسلمة بن محارب {وبعولتهن} بسكون التاء، فرارًا من ثقل توالي الحركات، وقرأ أبي {بردتهن} بالتاء بعد الدال {إِنْ أَرَادُوا}؛ أي: إن أراد الأزواج بالرجعة {إِصْلَاحًا} لما بينهم وبينهن، وإحسانًا إليهن بحسن المعاشرة، لا الإضرار بهن، وذلك: أن أهل الجاهلية كانوا يراجعون ويريدون بذلك الإضرار، فنهى الله المؤمنين عن مثل ذلك، وأمرهم بالإصلاح وحسن العشرة بعد الرجعة {وَلَهُنَّ}؛ أي: وللزوجات على الأزواج من الحقوق {مِثْلُ الَّذِي} لهم {عَلَيْهِنَّ} من الحقوق {بِالْمَعْرُوفِ} شرعًا؛ أي: على الوجه الذي أمر الله تعالى به من حسن العشرة، وترك الضرار؛ يعني: يجب لهن على الأزواج النفقة والكسوة والمهر وحسن العشرة، وترك الضرار، كما يجب للأزواج عليهن امتثال أمرهم، ونهيهم في الاستمتاعات والخدمة، فالمماثلة تكون في وجوب ما يفعله الرجل من ذلك ووجوب امتثال المرأة أمره ونهيه، لا في جنس الواجب على كل منهما؛ لأنه مختلف.
وذلك: أن حق الزوجية لا يتم إلا إذا كان كل واحد منهما يراعي حق الآخر فيما له وعليه، فيجب على الزوج أن يقوم بجميع حقوقها ومصالحها،