وفائدة تنكير الغد تعظيمه، وتفخيمه وتهويله، كأنه قيل: لغد لا تعرف كل نفس كنه عظمته وغاية هوله، فالتنكير فيه للتعظيم، وفي النفس للتقليل أو للتعريض بغفلة كلهم عن هذا النظر الواجب. وأصله: غدو، حذفوا الواو بلا تعويض عنها كما سيأتي في مبحث التصريف.
وقرأ الجمهور:{وَلْتَنْظُرْ} أمرًا، واللام ساكنة. وقرأ أبو حيوة، ويحيى بن الحارث بكسرها. وروي ذلك عن حفص عن عاصم. وقرأ الحسن بكسرها وفتح الراء، جعلها لام كي، ذكره في "البحر".
{وَاتَّقُوا اللَّهَ} سبحانه وتعالى. كرره للتأكيد والاهتمام في شأن التقوى، وإشارة إلى أن اللائق بالعبد أن يكون كل أمره مسبوقًا بالتقوى ومختومًا بها. أو الأول في أداء الواجبات، كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل كما سبق، والثاني في ترك المحارم، كما يؤذن به الوعيد بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}؛ أي: عالم بما تعملونه من المعاصي، فيجازيكم عليها يوم الجزاء.
والتقوى هو: التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك. وقال بعض الكبار: التقوى: وقاية النفس في الدنيا عن ترتب الضرر في الآخرة. فتقوى العامة عن ضرر الأفعال، وتقوى الخاصة عن ضرر الصفات، وتقوى أخص الخواص عن جميع ما سوى الله تعالى.
وفي الآية ترغيب في الأعمال الصالحة.
والمعنى (١): أي ولتنظروا ماذا قدمتم لآخرتكم مما ينفعكم يوم الحساب والجزاء، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكنهم من توقع العذاب سكارى. واتقوا الله إنه خبير عليم بأحوالكم، لا يخفى عليه شيء من شؤونكم، فراقبوه في جليل أعمالكم، وحقيرها، واعلموا أنه سبحانه سيحاسبكم على النقير والقطمير، والقليل والكثير، ولا يفوته شيء من ذلك.