الناس حين المبايعة: أن يضع أحد المتبايعين يده على يد الآخر لتكون معاملتهم محكمة مثبتة. فسميت المعاهدة بين المعاهدين مبايعة تشبيهًا لها بها في الإحكام والإبرام.
فمعنى مبايعة الأمة رسولهم: التزام طاعته، وبذل الوسع في امتثال أوامره وأحكامه، والمعاونة له، ومبايعته إياهم الوعد بالثواب، وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم في الغلبة على أعدائهم الظاهرة والباطنة، والشفاعة لهم يوم الحساب إن كانوا ثابتين على تلك المعاهدة قائمين بما هو مقتضى المواعدة، كما يقال: بايع الرجل السلطان، إذا أوجب على نفسه الإطاعة له، وبايع السلطان الرعية، إذا قبل القيام بمصالحهم وأوجب على نفسه حفظ نفوسهم وأموالهم من أيدي الظالمين.
أي: إذا جاءك المؤمنات قاصدات مبايعتك على الإِسلام و {عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} من الأشياء كائنًا ما كان، من حَجَر أو شجر، أو ملك أو إنس أو جن، أو شيئًا من الإشراك ظاهرًا أو خفيًا. والظاهر: أن المراد الشرك الأكبر. ويجوز التعميم له وللشرك الأصغر الذي هو الرياء.
فالمعنى: يبايعنك على أن لا يتخذن إلهًا غير الله، ولا يعملن إلا خالصًا لوجهه. وهذا كان يوم فتح مكة؛ فإن نساء أهل مكة أتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايعنه، فأمره الله تعالى أن يأخذ عليهن أن لا يشركن {وَلَا يَسْرِقْنَ}؛ أي: ولا يأخذن مال أحد بغير حق. ويكفي في قبح السرقة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن السارق. والسرقة لغة: أخذ ما ليس له خفية، وشرعًا: أخذ مال مخصوص، من موضع مخصوص، على وجه مخصوص، كما سيأتي. {وَلَا يَزْنِينَ}: والزنا: وطء المرأة من غير عقد شرعي. قال مُظهر الدِّين: الزنا في اللُّغة: عبارة عن المجامعة في الفرج على وجه الحرام. ويدخل فيه اللواطة، وإتيان البهائم، انتهى. قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقتل الفاعل والمفعول به". وثبت أن عليًا رضي الله عنه أحرقهما، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - هدم عليهما حائطًا. وذلك بحسب ما رأيا من المصلحة. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ملعون من أتى امرأته في دبرها". وأما الإتيان من دبرها في قبلها .. فمباح.
قال في "اللباب": اتفق المسلمون على حرمة الجماع في زمن الحيض، واختلفوا في وجوب الكفارة على من جامع فيه.