للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حينئذ: وإذا طلقتم أيها الأزواج النساء، فبلغن أجلهن؛ أي: انقضت عدتهن .. فلا تعضلوهن؛ أي: لا تمنعوهن أيها الأزواج، وتسميتهم أزواجًا حينئذ بالنظر إلى ما كان من أن ينكحن ويتزوجن من يريدون من الرجال أن يتزوجوهن، فإن الأزواج قد يعضلون مطلقاتهم أن يتزوجن ظلمًا، وإما للأولياء فنسبة الطلاق إليهم باعتبار تسببهم فيه كما يقع كثيرًا أن الولي يطلب من الزوج طلاقها، والمعنى حينئذٍ: وإذا خلصتم أيها الأولياء النساء من أزواجهن بتطليقهن، فانقضت عدتهن .. فلا تمنعوهن أيها الأولياء من أن ينكحن الرجال الذين كانوا أزواجًا لهن، فتسميتهم أزواجًا باعتبار ما كان، والمراد ببلوغ أجلهن هنا: انقضاء عدتهن، وفي ما سبق مقاربة انقضائها. قال الشافعي رحمه الله تعالى: دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين، وفي هذه (١) الآية حجة للشافعي ومن وافقه في أن المرأة لا تلي عقد النكاح، ولا تأذن فيه؛ إذ لو كانت تملك ذلك .. لم يكن عضل، ولا لنهي الولي عن العضل معنى. {إِذَا تَرَاضَوْا}؛ أي: إذا تراضى الخطاب والنساء {بَيْنَهُمْ} واتفقوا تراضيا ملتبسا {بِالْمَعْرُوفِ} شرعًا من عقد حلال، ومهر جائز، وذلك بأن يرضى كل منهما ما لزمه في هذا العقد لصاحبه، والخطاب في قوله: {ذَلِكَ} للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل أحد؛ أي: ذلك المذكور من النهي عن العضل، أو من جميع الأحكام السابقة {يُوعَظُ بِهِ}؛ أي: يؤمر به ويمتثله؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ} أيها المكلفون.

{يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} خص المؤمن بالذكر؛ لأنه هو الذي يتعظ وينتفع بالوعظ.

تنبيه: وإنما قال (٢) هنا: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ} وقال في الطلاق: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}؛ لأنه لما كانت كاف ذلك لمجرد الخطاب لا محل لها من الإعراب .. جاز الاقتصار على الواحد كما هنا، كما في قوله: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}، وجاز الجمع نظرًا للمخاطبين كما في الطلاق، فإن قلتَ: لِمَ ذكر منكم هنا، وتركه ثَمَّ؟


(١) الخازن.
(٢) الجمل.