للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"الأوسط" - قال القرطبي -: بسند حسن عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة في الركعة الأولى، فيحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين، فيقرع بها المنافقين. وأخرج البزار والطبراني عن أبي عنبة الخولاني مرفوعًا نحوه. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "من قرأ سورة المنافقين .. برىء من النفاق".

الناسخ والمنسوخ فيها: وقال أبو عبد الله محمد بن حزم: سورة المنافقين كلها محكم ليس فيها منسوخ، وفيها ناسخ، وهو قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ...} الآية (٦). فإنه لما نزلت آية براءة: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم" فأنزل الله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية نسخًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأستغفرن لهم أكثر من سبعين".

سبب نزولها: سبب نزول (١) هذه السورة مذكور في قصة طويلة من مضمونها: أن اثنين من الصحابة ازدحما علي ماء، وذلك في غزوة بني المصطلق، فشج أحدهما الآخر، فدعا المشجوج: يا للأنصار، والشاج: يا للمهاجرين، فقال عبد الله بن أبيّ ابن سلول، ما حكى الله تعالى، عنه من قوله: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}، وقوله: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} وعنى بالأعز نفسه وكلامًا قبيحًا، نسمعه زيد بن أرقم، ونقل ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي، فحلف ما قال شيئًا من ذلك، فاتُّهِمَ زيد، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إلى قوله: {لَا يَعْلَمُونَ} تصديقًا لزيد وتكذيبًا لعبد الله بن أبيّ. هذا خلاصة ما في القصة الطويلة ذكره أبو حيان في "البحر المحيط".

والله أعلم

* * *


(١) البحر المحيط.