الله واعتقد أنه رب العالمين .. يرضى بقضائه ويصبر على بلائه، فإن التربية كما تكون بما يلائم الطبع تكون بما يتنفّر عنه الطبع. وقيل:{يَهْدِ قَلْبَهُ}؛ أي: يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأ لم يكن ليصيبه، فيرضى بقضائه ويسلم لحكمه. وقيل:{يَهْدِ قَلْبَهُ}؛ أي: يلطف به ويشرحه لازدياد الطاعة والخير.
وفي "فتح الرحمن": إن قلت: كيف قال ذلك مع أن الهداية سابقة على الإيمان؟
قلت: ليس المراد يهد قلبه للإيمان، بل المراد: يهد لليقين عند نزول المصائب، فيعلم أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه. أو يهد للرضى والتسليم عند وجود المصائب، أو للاسترجاع عند نزولها؛ بأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون .. انتهى.
وقرأ الجمهور (١): {يَهْدِ} بفتح الياء وكسر الدال، مضارعًا لهدى، مجزومًا على جواب الشرط؛ أي: يهده الله. وقرأ قتادة، والسلمي، والضحاك، وأبو جعفر، وأبو عبد الرحمن:{يُهْدَ} بضم الياء وفتح الدال مبنيًا للمفعول، {قَلْبُه} بالرفع، وقرأ ابن جبير، وطلحة بن مصرف، وابن هرمز، والأزرق عن حمزة:{نَهْدِ قَلْبَه} بالنصب. وقرأ عكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك بن دينار:{يَهدأ} بهمزة ساكنة، {قَلْبُه} بالرفع؛ أي: يطمئن قلبه ويسكن بإيمانه ولا يكون فيه اضطراب. وقرأ عمرو بن فائد:{يَهْدَا} بألف بدلًا من الهمزة الساكنة. وقرأ عكرمة، ومالك بن دينار أيضًا:{يَهْدَ} بحذف الألف بعد إبدالها من الهمزة الساكنة، وإبدال الهمزة ألفًا في مثل: يهدأ، ويقرأ ليس بقياس، خلافًا لمن أجاز ذلك قياسًا، وبني عليه جواز حذف تلك الألف للجازم تشبيهًا بألف يخشى إذا دخل الجازم عليه. وقرىء:{يَهِدَّ} بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، ورفع {قلبُه} أيضًا بمعنى: يهتد، كقوله تعالى:{أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى}. فجملة القراءات في {يَهْدِ} سبع، المختار منها قراءة الجمهور.