للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليس تحديد إيجاب، ويدل على ذلك قوله بعده: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}؛ أي: ذلك المذكور من الحولين لمن أراد إتمام الرضاعة الكاملة من الأبوين، فدل على أن إرضاع الحولين ليس حتمًا، بل هو التمام، ويجوز الاقتصار على ما دونه، وليس فيما دون ذلك حد، وإنما هو على مقدار إصلاح المولود وما يعيش به، فثبت أن المقصود من هذا التحديد قطع النزاع بين الزوجين في مقدار زمن الرضاعة، فقدر الله تعالى ذلك بالحولين حتى يرجعا إليه عند التنازع.

وقرأ مجاهد (١)، وابن محيصن {لمن أراد أن تتم} بفتح التاء، ورَفع الرضاعة على إسناد الفعل إليها، وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة، والجارود بن أبي سبرة بكسر الراء من الرضاعة، وهي لغة، وروي عن مجاهد أنه قرأ: {الرضعة} وقرأ ابن عباس: {لمن أراد أن يكمل الرضاعة}، وما عدا قراءة الجمهور شاذ.

{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ}؛ أي: على الأب الذي يولد لأجله وبسببه، وأثر (٢) هذا اللفظ دون قوله: وعلى الوالد للدلالة على أن الأولاد للآباء لا للأمهات، ولهذا ينسبون إليهم دونهن، كأنهن إنما ولدن لهم فقط.

قال بعضهم:

وَإنَّمَا أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ أَوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ وَللآبَاءِ أَبْنَاءُ

وقيل (٣): إن هذا تنبيه على أن الولد إنما يلتحق بالوالد؛ لكونه مولودًا على فراشه، فكأنه قال: إذا ولدت المرأة الولد لأجل الرجل، وعلى فراشه .. وجب عليه رعاية مصالحه. {رِزْقُهُنَّ}؛ أي: طعامهن {وَكِسْوَتُهُنَّ}؛ أي: لباسهن لأجل الإرضاع إذا كن مطلقات من الأب طلاقًا بائنًا؛ لعدم بقاء علقة النكاح الموجبة لذلك، فلو لم ترضعهم الوالدات .. لم يجب، فإن كن زوجات أو رجعيات ..


(١) الشوكاني.
(٢) الكشاف.
(٣) الخازن.