حملها؛ أي: حطت ما في بطنها بعد طلاق زوجها أو وفاته بلحظة .. انقضت عدتها وحلت للأزواج، فكيف بعد ساعة أو يوم أو شهر؟ وقد نسخ بهذه الآية عموم قوله تعالى في البقرة:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} لتراخي نزولها عنه. وقد صح أن سبيعية بنت الحارث ولدت بعد وفاة زوجها بليال، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"قد حللت فتزوجي". وقرأ الجمهور {حَمْلَهُنَّ} مفردًا، والضحاك:{أحمالهن} جمعًا.
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} سبحانه في شأن أحكامه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه {يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}؛ أي: يسهل عليه أمره، يوفقه للخمر، ويعصمه من المعاصي والشر بسبب التقوى. فـ {مَنْ} للبيان، قدم على المبين للفواصل، أو بمعنى: في. وقال الضحاك: من يتق الله فليطلّق للسنة، يجعل له من أمره يسرًا في الرجعة.
وحاصل معنى الآية (١): أي وعدة الحوامل أن يضعن حملهن، سواء كن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن، كما روي عن عمر وابنه: فقد أخرج مالك، والشافعي، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عمر: أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل، فقال: إذا وضعت حملها .. فقد حلت، فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال: لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن .. حلت.
وهكذا روي عن ابن مسعود: فقد أخرج عنه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه: أنه قال: من شاء لاعنته أن الآية التي في النساء الصغرى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ ...} الآية، نزلت بعد سورة البقرة بكذا وكذا شرًا، وكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها .. فأجلها أن تضع حملها.
وروي: أن سبيعية بنت الحارث الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة، فتوفي عنها في حَجة الوداع وهي حامل، فوضعت بعد وفاته بثلاثة وعشرين يومًا، فاختضبت، واكتحلت، وتزينت تريد الزواج، فأنكر ذلك عليها، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم -