{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا}: و {ذاقت} فيه إعلال بالقلب أصله: ذوقت، قلبت الواو لتحركها بعد فتح. {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} والخسر والخسران: انتقاص رأس المال، وينسب إلى الإنسان فيقال: خسر فلان، وإلى الفعل فيقال: خسرت تجارته. {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ}، أصله: أعدد، نقلت حركة الدال الأولى إلى العين فسكنت فأدغمت في الدال الثانية.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنداء، وتعميم المؤمنين بالخطاب في قوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إظهارًا لتقدمه واعتبارًا لترؤسه؛ لأنه إمام أمّته وقدوتهم، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم: يا فلان، افعلوا كيت وكيت.
ومنها: تغليب المخاطب على الغائب في قوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ} إظهارًا لشرفه واستتباعه إياهم؛ لأن المعنى إذا طلقت أنت وأمَّتك.
ومنها: وصفه تعالى بصفة ربوبيته لهم في قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} تأكيدًا للأمر بالتقوى، ومبالغة في إيجاب الاتقاء.
ومنها: إضافة البيوت إليهن في قوله: {مِنْ بُيُوتِهِنَّ} مع أنها للأزواج؛ لتأكيد النهي عن الإخراج ببيان كمال استحقاقهن لسكناها كأنها أملاكهن.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ} بعد قوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} لتهويل أمر التعدي والإشعار بعلية الحكم في قوله: {فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.
ومنها: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في قوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. ونكتته مشافهة المتعدي بالخطاب لمزيد الاهتمام بالزجر عن التعدي، والظاهر: أن يكون بطريق الغيبة: (لا يدري).