شدّة الغيظ، وحذف المشبّه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو الغيظ الشديد، بطريق الاستعارة المكنية.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {مِنَ الْغَيْظِ}، حيث شبه اشتعال النار بهم في قوة تأثيرها فيهم وإيصال الضرر إليهم باغتياظ المغتاظ على غيره المبالغ في إيصال الضرر إليه، فاستعير اسم الغيظ لذلك الاشتعال استعارة تصريحية أصلية وفي هذه الآية أيضًا فنُّ حسن الإتباع فقد جرى الشعراء على نهجها، فولعوا بإسناد أفعال من يعقل إلى ما لا يعقل.
ومنها: الاستفهام الإنكاري، للتقريع والتوبيخ في قوله:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير}.
ومنها: المقابلة في قوله: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ}، قابله بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} وهي من المحسنات البديعية.
ومنها: الجمع بين حرف الجواب ونفس الجملة المجاب بها، مبالغة في الاعتراف وتحسرًا على فوت سعادة التصديق وتمهيدًا لبيان التفريط الواقع منهم.
ومنها: جمع ضمير الخطاب في قوله: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} مع أنّ مخاطب كل فوج نذيره لتغليبه على أمثاله مبالغةً في التكذيب وتماديًا في التضليل كما ينبىء عنه تعميم المنزل في قوله: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} مع ترك ذكر المنزل عليه.
ومنها: تقديم السرّ على الجهر في قوله: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} للإيذان بافتضاحهم ووقوع ما يحذرون من أوّل الأمر، والمبالغة في بيان شمول علمه تعالى المحيط بجميع المعلومات، كأنّ علمه تعالى بما يسرّونه أقدم منه بما يجهرون به مع كونهما في الحقيقة على السوية.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {ذَلُولًا}، شبّه الأرض المسخّرة للانتفاع بها بالدابة المنقادة لراكبها بجامع السهولة في كلّ.
ومنها: استعارة المناكب للأرض في قوله: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا}؛ لأنَّ المناكب جمع منكب حقيقة في الإنسان، فاستعير للجبال من الأرض بجامع الارتفاع في كلّ.