ثم نهى رسوله أن يكون كيونس عليه السلام حين غضب على قومه، فارقهم ونزل في السفينة، فابتلعه الحوت، ودعا ربه وقال:{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}، وهو مملوء غيظًا وحنقًا. ثم أخبر رسوله بأن الكافرين ينظرون إليه شزرًا حين يسمعون منه القرآن، ويقولون حسدًا على ما آتاه الله من النبوة: إنك لمجنون تنفيرًا منه ومن دعوته. وما القرآن إلّا عظة للجنّ والإنس جميعًا لا يفهمها إلا من كان أهلًا لها.
أسباب النزول
قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢)} سبب نزوله (١): ما أخرجه ابن المنذر عن ابن جريج قال: كانوا يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه مجنون ثم شيطان، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} سبب نزوله: ما أخرجه أبو نعيم في الدلائل، والواحدي بسند رواه عن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته، إلا قال: لبيك، فلذلك أنزل الله سبحانه هذه الآية.
قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠)} سبب نزوله: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدّي قال: نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق، وأخرج ابن المنذر عن الكلبي مثله، وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نزلت في الأسود بن عبد يغوث، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: نزلت على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١)} فلم نعرفه حتى نزل بعد ذلك {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)} فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة.
قوله تعالى:{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} سبب نزوله: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن جريج أنّ أبا جهل قال يوم بدر: خذوهم أخذًا فاربطوهم في الحال، ولا تقتلوا منهم أحدًا، فنزلت هذه الآية {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ ...} يقول في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة.