يخاطب حسّان بهذا البيت الوليد بن المغيرة، فيقول: إنّه زنيم؛ أي: معلق في آل هاشم كالزنمة في الإهاب، وهي قطعة جلد صغيرة تترك معلقة بطرقه فشبهه بها، وشبهه بالقدح المنفرد الفارخ المعلق خلف الراكب. ويروى: أنه لما نزلت هذه الآية قال الوليد لأمه: إن محمدًا وصفني بتسع صفات أعرفها غير التاسع منها، فإن لم تصدقيني الخبر ضربت عنقك، فقالت له: إن أباك عنين فخفت على المال، فمكنت الراعي من نفسي، فأنت منه.
{سَنَسِمُهُ} أصله: سنوسمه، من الوسم، وهو إحداث السمة بالكسر؛ أي: العلامة، والميسم بالكسر؛ المكواة؛ أي: آلة الكي، وفيه إعلال بالحذف أصله في القياس:"سنوسمه، لأنّه مضارع وسم المثاليّ، لكن فاؤه حذفت من المضارع اطرادًا لوقوعها بين فتحة وكسرة. {عَلَى الْخُرْطُومِ} الخرطوم: أنف السباع، وغالب ما يستعمل في أنف الفيل والخنزير. وفي "القاموس": الخرطوم بوزن زنبور: الأنف أو مقدمه.
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ}؛ أي: امتحنّاهم واختبرناهم. يقال: بلي الثوب بليًا؛ أي: خلق بلوته: اختبرته كأني أخلقته من كثرة اختباري له، والبلايا: اختبارات. {لَيَصْرِمُنَّهَا} الصرام والصرم: قطع ثمار النخيل من صرمه إذا قطعه، يقال: صرم العذق عن النخلة، وأصرم النخل؛ أي: حان صرامه مثل: أركب المهر، وأحصد الزرع؛ أي: حان ركوبه وحصاده. وفي "المختار": صرم النخل: جده، وبابه: ضرب، وأصرم النخل: حان له أن يُصْرَمَ، والانصرام: الانقطاع، والتصارم: التقاطع، والتصرم: التقطع. وقوله:{لَيَصْرِمُنَّهَا} فيه إعلال بالحذف، أصله: ليصرمونها فدخلت نون التوكيد الثقيلة على الفعل فصار ليصرموننها، فاجتمع ثلاث نونات فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال فصار ليصرمونّها، فالتقى ساكنان فحذفت الواو، ولذلك الفعل هنا معرب لعدم مباشرة نون التوكيد؛ لأنَّ المحذوف لعلة صرفية مقدَّر.
{وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨)} أصله: يستثنيون بوزن يستفعلون، استثقلت الضمّة على الياء، فحذفت للتخفيف فالتقى ساكنان فحذفت الياء، وضمت النون لمناسبة الواو. قال الراغب: الاستثناء: إيراد لفظ يقتضي رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم أو