للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولرفع الحرج عن الورثة وجهان (١):

أحدهما: أنه لا جناح عليكم في قطع النفقة عنهن إذا خرجن قبل انقضاء الحول.

والوجه الثاني: لا جناح عليكم في ترك منعهن من الخروج؛ لأن مقامها في بيت زوجها حولًا غير واجب عليها، خيرها الله تعالى بين أن تقيم في بيت زوجها حولًا، ولها النفقة والسكنى، وبين أن تخرج ولا نفقة لها ولا سكنى، ثم نسخ الله ذلك بأربعة أشهر وعشر.

واعلم: أنه دلت هذه الآية على مجموع أمرين:

أحدهما: أن لها النفقة والسكنى من مال زوجها سنة.

والثاني: أن عليها عدة سنة، ثم إن الله تعالى نسخ هذين الحكمين، أما الوصية بالنفقة والكسوة والسكنى: فنسخ بآية الميراث، فجعل لها الربع أو الثمن عوضًا عن النفقة والسكنى، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشر.

فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟

قلتُ: قد تكون الآية المتقدمة متقدمة في التلاوة متأخرة في النزول، كقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} مع قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}.

فإن قلت (٢): لِمَ نكَّر {مَعْرُوفٍ} هنا، وعرَّفه فيما سبق {بِالْمَعْرُوفِ}؟

قلتُ: لأن ما هنا سابق في النزول، فلم يسبق له عهد حتى يعرف، وما سبق متأخر عن هذا، فسبق له عهد، فعرف فما سبق هو عين ما هنا على القاعدة المشهورة عند البلغاء. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ}؛ أي: غالب قوي في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه، وتعدى حدوده.

{حَكِيمٌ} فيما شرع وبين لعباده من الشرائع والأحكام، يراعي مصالحهم في أحكامه.


(١) الخازن.
(٢) الجمل.