وكذا قال في قراءة من قرأ {سلاسلا} بالتنوين إنه بدل من حرف الإطلاق، أجري الفواصل مجرى أبيات الشعر، فكما أنّه يدخل التنوين في القوافي المطلقة إشعارًا بترك الترنم، كما قال الرّاجر:
يَا صَاحِ مَا هَاجَ الدُّمُوْعَ الذُّرَّ فَنْ
فهذه النون بدل من الألف، إذ لو ترنم لوقف بألف الإطلاق. قال ابن الجزري: وكلهم وقفوا عليه بالألف، إلا حمزة وورشًا، وإنما صرفه من صرفه، لأنه وقع في مصحف الإِمام بالألف، وإنما كتب في المصحف بالألف؛ لأنه رأس آيةٍ، فتشابه القوافي والفواصل التي تزاد فيها الألف للوقف انتهى. وقرىء الثاني بالرفع على معنى هي قوارير اهـ "روح البيان".
وجملة:{قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} صفة لـ {قَوَارِيرَ}. قرأ الجمهور (١){قَدَّرُوهَا} بفتح القاف على البناء للفاعل؛ أي: قدّرها السقاة من الخدم الذين يطوفون عليهم على قدر ما يحتاج إليه الشاربون من أهل الجنة من دون زيادة ولا نقصان.
وقال مجاهد وغيره: أتوا بها على قدرريهم بغير زيادة ولا نقصان. قال الكلبي: وذلك ألذ وأشهى. وقيل: قدرها الملائكة، وقيل: قدرها أهل الجنة الشاربون على مقدار شهواتهم وحاجتهم، فجاءت كما يريدون في الشكل لا تزيد ولا تنقص.
وقرأ علي، وابن عباس، والسلميّ، والشعبيّ، وزيد بن علي، وعبيد بن عمير، وأبو عمرو في رواية عنه، وابن أبزى، وقتادة، والجحدري وأبو حيوة، وعباس عن أبان، والأصمعي عن أبي عمرو، وابن عبد الخالق عن يعقوب {قُدِّروها} بضمّ القاف وكسر الدال مبنيًا للمفعول؛ أي: جعلت لهم على قدر إرادتهم. قال أبو عليّ الفارسي: كأنَّ اللفظ قدروا عليها، وفي المعنى قلب؛ لأن حقيقة المعنى أن يقال: قدرت عليهم، فهي مثل قوله:{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}. ومثل قول العرب إذا طلعت الجوزاء ألقي العود على الحرباء. وقال الزمخشري: ووجهه أن يكون قدر منقولًا من قدر، تقول: قدرت الشيء وقدرنيه فلان إذا جعلت قادرًا عليه، ومعناه: وجعلوا قادرين لها كما شاؤوا، وأطلق لهم أن