{مِهَادًا} والمهاد - بكسر الميم -: البساط والفراش، وقال بعضم: المهاد: مصدر ماهدت بمعنى مهدت، كسافرت بمعنى: سفرت، أطلق على الأرض الممهودة؛ أي: المبسوطة المفروشة كالمهد للصبي، ويجوز أن يكون جمع مهد، ككعاب جمع كعب، وجمعه لاختلاف أماكن الأرض من القرى، والبلدان والصحارى والعمران، أو للتصرف فيها بأن جعل بعضها مزارع وبحضها مساكن إلى غير ذلك.
وقرىء:{مهدًا} على تشبيهها بمهد الصبي، وهو ما يمهد له فينوم عليه تسمية للممهود بالمصدر، ففي الكلام حينئذٍ تشبيه بليغ.
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)} جمع وتد، كأكتاف وكتف، وهو ما يدق في الأرض ليربط إليه الحبل الذي تشد به الخيمة، وقيل: هو ما يوتد ويحكم به المتزلزل المتحرك من اللوح وغيره.
{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨)}؛ أي: أصنافًا ذكورًا وإناثًا، ليسكن كل من الصنفين إلى الآخر، وينتظم أمر المعاشرة والمعاش، ويتسنى التناسل، واحدها: زوج، ويطلق على الذكر والأنثى، ويقال لكل واحد من القرينين المزدوجين: حيوانًا أو غيره؛ كالخف والنعل، ولا يقال للإثنين زوج، بل زوجان، ولذا كان الصواب أن يقال: قرضته بالمقراضين، وقصصته بالمقصين؛ لأنهما اثنان، لا بالمقراض وبالمقص، كذا قال الحريري في "درة الغواص"، وقال صاحب "القاموس": يقال للاثنين: هما زوجان، وهما زوج. انتهى. ولعله من قبيل الاكتفاء بأحد الشقين عن الآخر، وزوجة للمرأة لغة رديئة، لقوله تعالى:{يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، ويقال لكل ما يقترن بآخر مماثلًا له، أو مضادًا: زوج، ولذا قال بعضهم في الآية: وخلقناكم حال كونكم معروضين لأوصاف متقابلة، كل واحد منها مزدوج بما يقابله؛ كالفقر والغنى، والصحة والمرض، والعلم والجهل، والقوة والضعف، والذكورة والأنوثة، والطول والقصر، إلى غير ذلك.
وبه يصح الابتلاء، فإن الفاضل يشتغل بالشكر، والمفضول بالصبر، ويعرف قدر النعمة عند الترقي من الصبر إلى الشكر، وكل ذلك دليل على كمال القدرة ونهاية الحكمة.