القترة، وهو الذي تمرد على الله ورسوله، وأعرض عن قبول ما جاءه من الحق، ولم يعمل بما أمر به من صالح الأعمال.
أسباب النزول
أجمع المفسرون على أن سبب نزول هذه السورة الصحابي الجليل عبد الله ابن أم مكتوم، وهو ابن خال خديجة الكبرى رضي الله عنهما، وكان أعمى، وهو من المهاجرين الأولين، وقد استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة أكثر من مرة يصلي بالناس، ويؤمهم في أهم ركن من أركان دينهم، وهو الصلاة المكتوبة، وكان يتولى الأذان بنفسه، ولكنه كان يؤذن بعد بلال في الفجر.
وخلاصة قصته هنا: أنه رضي الله عنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة المكرمة، وكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صناديد قريش، ووجوه مكة وكبراؤها، وفيهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدثهم حديث الإيمان، ويدعوهم إلى الإسلام، ويذكرهم بالله عزّ وجلّ، ويحذرهم بطشه وعذابه وغضبه، ويعدهم أحسن المثوبة وأجزل العطاء، وأعلى المنازل، إن هم أسلموا وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - راغبًا في إسلامهم، حريصًا على إيمانهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - علم أنه سيسلم بإسلامهم كثير من الناس؛ إذ هم سادة قريش وقادتهم، وبيدهم أمورهم، وفي حالة تحدث الرسول - صلى الله عليه وسلم - معهم، ودعوتهم لهم، جاء ابن أم مكتوم، ونادى الرسولَ وهو لا يعلم تشاغله بالقول، فقال: يا رسول الله، أقرئني، وعلمني مما علمك الله تعالى، وكرر ذلك مرارًا، فكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - قطعه لكلامه معهم، وظهرت في وجهه الكراهة، فعبس وأعرض عن هذا الأعمى، واستمر في دعوته مع هؤلاء القوم، فنزلت هذه السورة، وفيها العتاب من رب العزة لنبيه وحبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم - على موقفه من هذا الذي جاء يزكَّى، ويذكر فتنفعه الذكرى، وهو يخشى.
قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧)} سبب نزوله (١): ما أخرجه ابن المنذر عن عكرمة قال: نزل في عتبة بن أبي لهب حين قال: كفرنا برب النجم.