للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبارة عن إزالة نورها، والذهاب بها بحكم التزام زوال اللازم لزوال الملزوم، وفيه استعارة تصريحية تبعية؛ لأن التكوير حقيقة في تكوير الثوب والعمامة ولفها، فاستعير لإزالة ضوء الشمس بجامع الستر في كل، وكذا قوله: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣)}؛ لأن السير حقيقة في الذهاب في الأرض والمضي فيها، فاستعير لإعدام الجبال وإزالتها عن مكانتها.

ومنها: توجيه السؤال إلى الموءودة في قوله: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨)} .. لتسليتها، وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها، وإسقاطه عن درجة الخطاب، والمبالغة في تبكيته، ولذا لم يسأل الوائد عن موجب قتله لها، فإن سؤالها أفظع في ظهور جناية القاتل، وإلزام الحجة عليه، فإنه إذا قيل للموءودة: إن القتل لا يجوز إلا لذنب عظيم، فما ذنبك، وبأي ذنب قتلت؟ كان جوابها: إني قتلت بغير ذنب، فيفتضح القاتل ويصير مبهوتًا. اهـ "زاده".

ومنها: تنكير {نَفْسٌ} في قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)}؛ لإفادة العموم، وقد يعترض معترض بأن النكرة لا تفيد العموم إلا إذا كانت في سياق النفي، وهي هنا واقعة في سياق الإثبات، فلا تفيد العموم، بل تفيد الإفراد والنوعية، فكيف يتفق الإفراد مع العموم الذي يناسبه المقام؟ فالجواب: أن كونها للعموم في سياق النفي دون الإثبات أغلبي لا كلي، فلا ينافي أنه قد يقصد بها العموم في سياق الإثبات بقرينة المقام كما هنا، وقد يجاب هنا بجواب آخر: وهو أن النكرة هنا وقعت في سياق الشرط، وسياق الشرط كسياق النفي في أن النكرة للعموم إذا وقعت في كل منهما.

ومنها: الجناس الناقص بين {الْخُنَّسِ} و {الْكُنَّسِ}، وفي الكلمتين أيضًا فن الالتزام، وهو لزوم النون فيهما قبل السين.

ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)} فقد شبه الليل بإنسان يقبل ويدبر، ثم حذف المشبه به، وأخذ منه شيئًا من لوازمه، وهو لفظ عسعس؛ أي: أقبل وأدبر، كما شبه الصبح بحيوان حي يتنفس، فحذف المشبه به، وأتى بشيء من لوازمه، وهو التنفس؛ أي: خروج النفس من الجوف، أو يقال: إنه شبه الليل بالمكروب الحزين الذي حبس بحيث لا يتحرك، فإذا تنفس وجد راحته، وهنا لما