وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة المكنية في قوله: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)}؛ حبث شبه الكواكب بجواهر انقطع سلكها، فتناثرت متفرقة، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له شيء من لوازمه، وهو الانتثار على طريقة الاستعارة المكنية.
ومنها: إفراد {نَفْسٌ} وتنكيرها في قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} للدلالة على حقارتها وضعفها عن منفعة ذاتها إلا من رحم الله تعالى.
ومنها: الطباق بين {قَدَّمَتْ} و {أَخَّرَتْ}، وهو من المحسنات البديعية.
ومنها: الاستفهام للاستهجان والتوبيخ في قوله: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
ومنها: التعرض لعنوان كرمه تعالى للإيذان بأنه ليس مما يصلح أن يكون مدار الاغترار حسبما يغوبه الشيطان، ويقول له: افعل ما شئت فإن ربك كريم قد تفضل عليك في الدنيا، وسيفعل مثله في الآخرة، فإنه قياس عقيم، بل هو مما يوجب المبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة، والاجتناب عن الكفر والعصيان.
ومنها: المقابلة اللطيفة بين الأبرار والفجار في قوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} فقد قابل الأبرار بالفجار، والنعيم بالجحيم.
ومنها: الوصل في قوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} لما فيه من مقتضيات الوصل، وهو اتفاق الجملتين في الخبرية والإنشائية مع الاتصال؛ أي: الجامع بينهما، وهو هنا التضادُّ.