وأصحاب الأخدود كانوا ثلاثة (١)، وهم: أنطيانوس الرومي بالشام، وبخت نصر بفارس، ويوسف ذو نواس بنجران، وهو بتقديم النون وتأخير الجيم موضع باليمن، فتح سنة عشر، سمي بنجران بن زيدان بن سبأ، شق كل واحد منهم شقًا عظيمًا في الأرض كان طوله أربعين ذراعًا، وعرضه اثني عشر ذراعًا، وهو الأخدود، وملؤوه نارًا، وألقوا فيه من لم يرتد عن دينه من المؤمنين في زمانهم. قالوا: والقرآن إنما نزل في الذين بنجران، يعني أن أصحاب الأخدود هم: ذو نواس الحميري اليهودي، يوسف بن شرحبيل وجنوده، وذلك أن عبدًا صالحًا يقال له: عبد الله بن التامر، وقع إلى نجران، وكان على دين عيسى عليه السلام، فدعاهم فأجابوه، فسار إليهم ذو نواس بجنود من حمير، فخيرهم بين النار واليهودية، فأبوا، فحفر الخنادق، وأضرم فيها النيران، فجعل يلقي كل من اتبع ابن التامر حتى أحرق نحوًا من اثني عشر ألفًا، أو عشرين ألفًا، أو سبعين ألفًا، وذو نواس اسمه: زرعة بن حسان ملك حمير وما حولها، وكان أيضًا يسمى. يوسف بن شرحبيل في الفترة قبل أن يولد النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعين سنة، وكانت له غدائر من شعر؛ أي: ذوائب تنوس؛ أي: تضطرب، فسمي ذا نواس.
روي: أنه انفلت من أهل نجران رجل اسمه: دوس ذو ثعلبان، ووجد إنجيلًا محترقًا بعضه، فأتى به ملك الحبشة، وكان نصرانيًا فقال: إن أهل دينك أوقدت لهم نار فأحرقوا بها وأحرقت كتبهم، وهذا بعضها، فأراه الذي جاء به ففزع لذلك، فكتب إلى صاحب الروم يستمده نجارين يعملون له السفن، فبعث إليه صاحب الروم من عمل له السفن، فركبوا فيها، فخرجوا إلى ساحل اليمن، فخرج إليهم أهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتتلوا، فلم يرَ ملك حمير له بهم طاقة، وتخوف أن يأخذوه، فضرب فرسه حتى وقع في الحرب فمات فيه، أو ألقى نفسه في البحر، فاستولى الحبشة على حمير وما حولها، وتملكوا، وبقي الملك لهم إلى وقت مجيء الإسلام.
وروي عن علي رضي الله عنه: أن بعض ملوك المجوس وقع على أخته وهو سكران، فلما صحا ندم وطلب المخرج، فأمرته أن يخطب الناس فيقول أن قد أحل