كالرباعية، ومنها: وتر كالثلاثية، وقيل: الشفع يوم عرفة، ويوم النحر، والوتر: ليلة يوم النحر، وقال مجاهد وعطية العوفي: الشفع الخلق، والوتر: الله الواحد الصمد، وبه قال محمد بن سيرين ومسروق وأبو صالح وقتادة أيضًا، وقال الربيع بن أنس وأبو العالية هما: صلاة المغرب، فيها شفع ركعتان، والوتر: الركعة، وقال الضحاك: الشفع: عشر ذي الحجة، والوتر أيام منى الثلاثة، وبه قال عطاء، وقيل: هما آدم وحواء؛ لأن آدم كان وترًا، فشفع بحواء، وقيل: الشفع درجات الجنة، وهي ثمان، والوتر دركات النار، وهي سبع، وقيل: الشفع: تضاد أوصاف المخلوقين من العز والذل والقدرة والعجز والقوة والضعف والعلم والجهل والحياة والموت والبصر والعمى والشمع والصمم والكلام والخرس، والوتر: انفراد صفات الله سبحانه، وهي عز بلا ذل، وقدرة بلا عجز، وقوة بلا ضعف، وعلم بلا جهل، وحياة بلا موت، وبصر بلا عمى، وكلام بلا خرس، وسمع بلا صمم، وما وراءها عن "تفسير القرطبي" رحمه الله تعالى، وقيل: الشفع: الحيوان؛ لأنه ذكر وأنثى، والوتر: الجماد، وقيل غير ذلك من الأقوال المتلاطمة، ولا يخفى عليك ما في غالب هذه الأقوال من السقوط البين، والضعف الظاهر، والاتكال في التعيين على مجرد الرأي الزائف، والخاطر الخاطىء.
والذي ينبغي التعويل عليه، ويتعين المصير إليه، ما يدل عليه معنى الشفع والوتر في كلام العرب، وهما معروفان واضحان، فالشفع عند العرب: الزوج، والوتر: الفرد، فالمراد من الآية: إما نفس العدد وما يصدق عليه من المعدودات بأنه شفع أو وتر، وإذا قام دليل على تعيين شيء من المعدودات في تفسير هذه الآية .. فإن كان الدليل يدل على أنه المراد نفسه دون غيره .. فذاك، وإن كان الدليل يدل على أنه مما تناولته هذه الآية .. لم يكن ذلك مانعًا من تناولها لغيره، والله سبحانه وتعالى أعلم بأسرار كلامه، وبما هو المراد من كتابه.
وقرأ الجمهور (١): {وَالْوَتْرِ} بفتح الواو وسكون التاء، وهي لغة قريش ومن والاها، وقرأ الأغر عن ابن عباس وأبو رجاء وابن وثاب وقتادة وطلحة والأعمش والحسن - بخلاف عنه - والأخوان حمزة والكسائي وخلف: بكسر الواو وسكون