١ - بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مستقره، ويسكن عن الاضطراب؛ إذ يغشاه النوم الذي فيه راحة لبدنه وجسمه.
٢ - بالنهار الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم، وفيه تغدو الطير من أوكارها، وتخرج الهوام من أجحارها.
٣ - بالقادر العظيم الذي خلق الذكر والأنثى، وميز بين الصنفين، مع أن المادة التي تَكَوَّنا منها واحدة، والمحل الذي تكونا فيه واحد، وفي ذلك دليل على تمام العلم وعظيم القدرة، كما قال: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)}، فقال {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)} أقسم بالليل حين يغشى الأشياء ويواريها في ظلامه، ويكون فيه مستراح للناس من أعمالهم بما يشملهم من النوم والهدوء {و} أقسم بـ {النَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} بزوال ظلمة الليل، فيتحرك الإنسان والحيوان طلبًا لمعاشهما، وبهذا يظهر وجه المصلحة في اختلافهما؛ إذ لو كان الدهر كله ليلًا .. لتعذر المعاش على الناس، ولو كان كله نهارًا .. لبطلت المصلحة، فكان في تعاقبهما آية بالغة يُستدل بها على علم الصانع وحكمته.
إقرأ من شئت قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)} {و} أقسم بـ {مَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}؛ أي: بالقادر العظيم الذي خلق الذكر والأنثى من ماء واحد، وفي هذا (١) دليل على أنه عليم جد العلم بدقائق المادة وما فيها؛ إذ لا يُعقل أو يكون هذا التخالف بين الذكر والأنثى في الحيوان بمحض الاتفاق أو طبيعة لا شعور لها بما تفعل، فإن الأجزاء الأصلية في المادة متساوية النسبة فيهما، فحدوث هذا التخالف في الجنين دليل على أن واضع هذا النظام عالم بما يفعل، حكيم فيما يصنع ويضع.
وقصارى ما سلف: أو بعض الماء يكون تارة سببًا للحمل، وأخرى يكون غير مستعد للتلقيح، والأول يكون من بعضه الذكران، ومن بعضه الإناث، سبحانه ما