وقرأ الجمهور (١): {فَرَغْتَ} بفتح الراء، وأبو السمال بكسرها، وهي لغة، قال الزمخشري: ليست بفصيحة، وقرأ الجمهور:{فَانْصَبْ} بسكون الباء خفيفة، وقرأ قوم: بشدها مفتوحة، أمر من الانصباب، وقرأ آخرون من الإمامية:{فانصب} بكسر الصاد، بمعنى: إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب خليفة، قال في "الكشاف": ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة: أنه قرأ: {فانصب} بكسر الصاد؛ أي: فانصب عليًا للإمامة، ولو صح هذا للرافضة .. لصح للناصبي أن يقرأ هكذا، ويجعله أمرًا بالنصب الذي هو بغض علي وعداوته اهـ.
وقال ابن عطية: وهي قراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم. انتهى. وقرأ الجمهور:{فَارْغَبْ} أمرًا من رغب ثلاثيًا؛ أي: اصرف وجه الرغبات إليه تعالى، لا إلى سواه، وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة:{فرَغِّب} أمر من: رغَّب المضعّف بشد الغين؛ أي: فرغِّب الناس إلى الله سبحانه، وشوِّقهم إلى ما عنده من الخير.
والمعنى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)}؛ أي: فإذا فرغت من عمل فاتعب في مزاولة عمل آخر، فإنك ستجد في المثابرة لذة تقر بها عينك ويثلج لها صدرك، وفي هذا حث له - صلى الله عليه وسلم - على المواظبة على العمل واستدامته. {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)}؛ أي: ولا ترغب في ثواب أعمالك وتثميرها إلا إلى ربك وحده، فإنه هو الحقيق بالتوجه إليه والضراعة له.
{أَلَمْ}{الهمزة}: للاستفهام التقريري، {لم}: حرف جزم. {نَشْرَحْ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الله مجزوم بـ {لم}، والجملة مستأنفة. {لَكَ} متعلق بـ {نَشْرَحْ}. {صَدْرَكَ}: مفعول به. {وَوَضَعْنَا}{الواو}: عاطفة. {وضعنا}: فعل وفاعل. {عَنْكَ}: متعلق به. {وِزْرَكَ}: مفعول به، والجملة معطوفة على