{أَلَمْ نَشْرَحْ} قال الراغب: الشرح بسط اللحم ونحوه، يقال: شرحت اللحم وشرحته إذا بسطته، ومنه شرح الصدر بنور إلهي وسكينة من جهة الله تعالى وروح منه، والشرح أيضًا التوسعة، والعرب تطلق الصدر وتريد به القوة وعظيم المنة والمسرة وانبساط النفس، ويفخرون بذلك في مدائحهم من قبل أن سعة الصدر تُعطي الأحشاء فسحة للنمو والراحة، وإذا تم ذلك للمرء كان ذهنه حاضرًا لا يضيق ذرعًا بأمر.
{وِزْرَكَ} والوزر: الحمل الثقيل أو الذنب.
{الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)}؛ أي: أثقله، والظهر إذا أثقله الحمل سمع له نقيض، أي: صوت خفي، وفي "القاموس": أنقض ظهرك أثقله حتى جعله نقضًا؛ أي: مهزولًا، من أثقله حتى سُمع نقيضه؛ أي: صوته، وفي "المختار": وأصل الإنقاض: صوت مثل النقر، وقال أبو حيان: وقال أهل اللغة: أنقض الحِمْلُ ظهر الناقة إذا سمعتَ له صريرًا من شدة الحمل، وسمعت نقيض المرجل؛ أي: صريره، قال عباس بن مرداس:
{فَانْصَبْ}؛ أي: فاتعب نفسك في العبادة، واجتهد في الدعاء شكرًا؛ لما أوليناك من النعم السالفة، ووعدناك من الآلاء الآتية، وبه ارتبطت الآية بما قبلها، ويجوز أن يقال: فإذا فرغت من تلقي الوحي، فانصب واتعب في تبليغه، وفي "المختار": ونَصِب بمعنى: تعب، وبابه طرب، وفيه أيضًا فرغ من الشغل من باب دخل، وفراغًا أيضًا، وفيه أيضًا رغب فيه، أراده، وبابه: طرب، ورغبة أيضًا، وارتغب فيه مثله، ورغب عنه لم يرده، ويقال: رَغَّبه فيه ترغيبًا، وأرغبه فيه أيضًا.