للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَكُمْ}؛ أي: ومن طيبات ما أخرجنا لكم {مِنَ الْأَرْضِ} من الحبوب والثمار والمعادن والركاز، فحذف المضاف، لدلالة ما قبله عليه. {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ}؛ أي: ولا تقصدوا الرديء من أموالكم للإنفاق منه. وقراءة الجمهور بفتح حرف المضارعة وتخفيف الياء، وقرأ البزّي عن ابن كثير بتشديد التاء لدى وصلها بما قبلها. وقرأ ابن مسعود شذوذًا: {ولا تأمموا}، وهي لغة من أَمَمت؛ أي: قصدت. وقرأ أبو مسلم بن خباب شذوذًا أيضًا بضم الفوقية وكسر الميم، وحكى أبو عمرو: أن ابن مسعود شذوذًا أيضًا قرأ {تُئِمموا} بهمزة بعد المضمومة.

وفي الآية (١): الأمر بإنفاق الطيب، والنهي عن إنفاق الخبيث. وقد ذهب جماعة من السلف: إلى أن الآية في الصدقة المفروضة، وذهب آخرون: إلى أنها تعم صدقة الفرض والتطوع، وهو الظاهر. وتقديم الظرف في قوله: {مِنْهُ تُنْفِقُونَ} يفيد التخصيص؛ أي: لا تخصوا الخبيث بالإنفاق، والجملة في محل نصب حال؛ أي؛ لا تقصدوا المال الخبيث مخصصين الإنفاقَ به، قاصرين له عليه. {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ}؛ أي: والحال أنكم لا تأخذونه في معاملتكم في وقت من الأوقات. وقيل معناه: ولستم بأخذيه لو وجد تمره يباع في السوق.

وقيل: إن قوله: {مِنْهُ تُنْفِقُونَ} على تقدير (٢) الاستفهام الإنكاري، و {مِنْهُ}: متعلق بالفعل بعده، والمعنى: أمن الخبيث تنفقون في الزكاة، والحال أنكم لستم قابلي الخبيث إذا كان لكم حق على صاحبكم. {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}؛ أي: إلا بأن تساهلوا في الخبيث، وتتركوا بعض حقكم، كذلك لا يقبل الله الرديء منكم. وفي هذا دلالة على أن الفقراء شركاء رب المال، والشريك لا يأخذ الرديء من الجيد إلا بالتساهل.

وقال البراء (٣) وابن عباس والضحاك وغيرهم: معنى هذا الكلام: ولستم


(١) الشوكاني.
(٢) مراح.
(٣) البحر المحيط.