الفضل: أليس قد قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؛ قال: نعم، قيل له: فما معنى ليلة القدر؛ قال: سَوْق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن الله سبحانه يقدر في ليلة القدر، ويكتب كل ما يكون في تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة وغيرها إلى مثل هذه الليلة من السنة المقبلة، فيسلمه إلى مدبرات الأمور من الملائكة، فيدفع نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل، ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف إلى جبريل، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل، ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
وإما لخطرها وشرفها على سائر الليالي، فالقدر بمعنى المنزلة والشرف إما باعتبار العامل على معنى أن من أتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف، وإما باعتبار نفس العمل على معنى أن الطاعة الواقعة في تلك الليلة لها قدر وشرف زائد.
وعن أبي بكر الوراق - رحمه الله تعالى - سميت ليلة القدر؛ لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، على رسول ذي قدر، لأمة لها قدر، ولعله تعالى إنما ذكر لفظ القدر في هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب، وقال الخليل - رحمه الله تعالى - سميت ليلة القدر؛ أي: ليلة الضيق؛ لأن الأرض تضيَّق فيها بالملائكة، فالقدر بمعنى الضيق، كما في قوله تعالى:{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}.