للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)}.

أسباب النزول

كان اليهود والنصارى (١) من أهل الكتاب في ظلام دامس من الجهل بما يجب الاعتقاد به والسير عليه من شرائع أنبيائهم إلا من عصم الله؛ لأن أسلافهم غيروا وبدلوا في شرائعهم، وأدخلوا فيها ما ليس منها إما لسوء فهمهم لما أنزل على أنبيائهم، وإما لاستحسانهم ضروبًا من البدع تَوَهَّمُوها مؤيدة للدين، وهي هادمة لأركانه، وإما لإفحام خصومهم، والرغبة في الظفر بهم، وقد توالت على ذلك الأزمان، وكلما جاء جيل زاد على ما وضعه مَن قبلَهم حتى خفيت معالم الحق، وطُمست أنوار اليقين، وكان إلى جوار هؤلاء عبدة الأوثان من العرب وغيرهم ممن مرنت نفوسهم على عبادتها، والخنوع لها، وأصبح من العسير تحويلهم عنها زعمًا منهم أن هذا دين الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان الجدل ينشب حينًا بين المشركين واليهود، وحينًا آخر بين المشركين والنصارى، وكان اليهود يقولون للمشركين: إن الله سيبعث نبيًا من العرب من أهل مكة وينعتونه لهم، ويتوعدونهم بأنه متى جاء نصروه وآزروه واستنصروا به عليهم حتى يبيدهم.

قد كان هذا وذاك، فلما بُعث محمد - صلى الله عليه وسلم - .. قام المشركون يناوِئُونه ويرفعون


(١) المراغي.