والأثقال جمع ثِقْل، قال أبو عبيدة والأخفش: إذا كان الميت في بطن الأرض، فهو ثِقْل لها، وإذا كان فوقها فهو ثِقْل عليها، قال مجاهد:{أَثْقَالَهَا} موتاها تخرجهم في النفخة الثانية، وقيل: للإنس والجن الثقلان، وإظهار {الْأَرْضُ} في موضع الإضمار لزيادة التقرير.
وعبارة "الروح" قوله: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)} اختيار الواو على الفاء، مع أن الإخراج مسبب عن الزلزال، للتفويض إلى ذهن السامع، إظهار {الْأَرْضُ} في موضع الإضمار؛ لأن إخراج الأثقال حال بعض أجزائها، والأثقال كنوز الأرض وموتاها، جمع ثِقْل بكسر فسكون، وأما ثَقَل محركة فمتاع المسافر، وحشمه، على ما في "القاموس"، والمعنى: وأخرجت الأرض ما في جوفها من دفائنها وكنوزها، كما عند زلزال النفخة الأولى الذي هو من أشراط الساعة، وكذا من أمواتها عند زلزال النفخة الثانية، وفي الخبر:"تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الاسطوانة من الذهب، فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع رحمه، فيقول في هذا: قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يَدَعونه فلا يأخذون منه شيئًا" أخرجه مسلم في "صحيحه" قوله: أفلاذ كبدها أراد أنها تخرج الكنوز المدفونة فيها وقيئها إخراجها، ويدخل في الأثقال الثقلان، وفيه إشارة إلى أن الجن تُدفن أيضًا.
والمعنى: ولشدة الزلزال والاضطراب تشقق الأرض ويثور باطنها، فتقذف بما في جوفها من الأثقال من كنوز ودفائن وأموات وغير ذلك مما يكون في باطن الأرض وجوفها الملتهب، وهذا مثل ما يقع في بعض مناطق الأرض من زلازل وجبال من نار تنشق لها الأرض وتقذف بالحمم وبما فيها من نيران ومعادن ومياه ونحو ذلك، وقد تبتلع مدينة كبيرة كاملة بسكانها، وتأتي على الأخضر واليابس فتدمره، وتدمر من عليها من الناس، كما حدث ذلك في إيطاليا سنة:(١٩٠٩ م) من ثوران جبال نار وابتلاعها مدينة مسينا, ولم تُبق منها دَيَّارًا ولا نافخ نار.
وعند قرب الساعة تكثر في جميع الأرض الزلازل والخسوف، وهي علامة من أشراط الساعة، ونحو الآية قوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤)}.