وعن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، وهو يقول: ما لي أراك مغمومًا - وهو أعلم به -؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا جبريل، قد طال تفكري في أمر أمتي يوم القيامة، قال: يا محمد، في أمر أهل الكفر أم في أمر أهل الإِسلام؟ قال: يا جبريل، لا بل في أمر أهل لا إله إلا الله، قال: فأخذ بيده حتى أقامه على مقبرة بني سلمة، فضرب بجناحه الأيمن على قبر ميت فقال: قم بإذن الله، فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول: لا إله إلّا الله محمد رسول الله، الحمد لله رب العالمين، فقال له جبريل: عد، فعاد كما كان، ثم ضرب بجناحه الأيسر على قبر ميت، فقال: قم بإذن الله، فخرج رجل مسود الوجه أزرق العين، وهو يقول: واحسرتاه، واندامتاه، واسوأتاه، فقال له جبريل: عد، فعاد كما كان، ثم قال جبريل: هكذا يبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه" و {اللام} في قوله: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} متعلقة بـ {يَصْدُرُ} أي: يومئذٍ يصدر الناس أو قبورهم إلى ربهم {لِيُرَوْا} جزاء {أَعْمَالَهُمْ} خيرًا كان أو شرًا والكلام على حذف مضاف، وإلا .. فنفس الأعمال لا يتعلق بها الرؤية البصرية؛ إذ الرؤية هنا بصرية لا علمية؛ لأن قوله:{فَمَنْ يَعْمَلْ} إلخ تفصيل {لِيُرَوْا}، والرؤية فيه بصرية لتعديتها إلى مفعول واحد، اللهم إلَّا أن يُجعل لها صور نورانية أو ظلمانية، أو يتعلق الرؤية بكتبها كما سيجيء، فحينئذٍ لا حاجة إلى تقدير مضاف. أي: ليري الله سبحانه المحسن منهم والمسيء بواسطة من يشاء من جنوده أو بغير واسطة، حتى يكلم سبحانه وتعالى كل أحد من غير ترجمان ولا واسطة، كما أخبر ذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - {أَعْمَالَهُمْ} فيعلمون جزاءها أو صادرين عن الموقف كل إلى داره ليرى جزاء عمله.
وقرأ الجمهور:{لِيُرَوْا} بضم الياء مبنيًا للمفعول، وهو من رؤية البصر؛ أي: ليريهم الله سبحانه أعمالهم. وقرأ الحسن والأعرج، وقتادة وحمّاد بن سلمة، ونصر بن عاصم، وطلحة بن مصرف، والزهري وأبو حيوة وعيسى، ونافع في رواية بفتحها على البناء للفاعل، والمعنى: ليروا جزاء أعمالهم.
وقصارى ذلك؛ يوم يقع الخراب العظيم لهذا العالم الأرضي، ويظهر ذلك الكون الجديد، كون الحياة الأخرى .. يصدر الناس متفرقين متمايزين، فلا يكون