قيل: إن هذه السورة نزلت في العاص بن وائل السهمي، وذلك أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص بن وائل قالوا: من الذي كنت تتحدث معه؟ قال ذلك الأبتر دعوه، فإنه رجل لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره، وكان في تلك الأيام قد توفي عبد الله بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (وقيل: ولده إبراهيم)، وهو من خديجة "الكبرى" ففرح أعداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومبغضوه، وقالوا: قد بتر محمد، وسينقطع ذكره، ولم يبق له أثر في أولاده من بعده، وكانوا يعدون ذلك عيبًا يلمزونه به، وسينفرون الناس من اتِّباعه، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)}.
وعن عطاء قال: نزلت في أبي لهب، وذلك حين مات ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب أبو لهب إلى المشركين، فقال: بُتِر محمد الليلة، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} وقال السدي: كانوا إذا مات ذكور الرجل .. قالوا: بتر، فلما مات أبناء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: بُتر محمد، فأنزل الله سبحانه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)}.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت في أبي جهل، وفي رواية أخرى عنه قال: نزلت في كعب بن الأشرف؛ إذ قدم مكة، فقالت له قريش: أنت سيد أهل المدينة وخيرهم، ألا ترى هذا الصابئى المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية، فقال: أنتم خير منه، فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)}.
قال ابن عباس:{إِنَّ شَانِئَكَ} يعني: عدوك، وهذا يعم جميع من اتصف