للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبكسرهما، وبكسر النون وسكون العين، وبكسر النون وإخفاء حركة العين. وقد حكى النحويون في: نِعْمَ أربع لغات، وهي هذه التي قرئ بها في المتواتر. انتهى.

{وَإِنْ تُخْفُوهَا}؛ وإن تسروا الصدقات {وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ}؛ أي؛ وتعطوها الفقراء في السر {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أي: أفضل من إبدائها وإيتائها الأغنياء؛ أي: وإن (١) تخفوها وتصيبوا بها مصارفها من الفقراء، فالإخفاء خير لكم. وقد ذهب جمهور المفسرين: إلى أن هذه الآية في صدقة التطوع، لا في صدقة الفرض، فلا فضيلة للإخفاء فيها، بل قد قيل: إن الإظهار فيها أفضل، وقالت طائفة: إن الإخفاء أفضل في الفرض والتطوع.

وعبارة "الخازن" هنا يعني: أن إخفاء الصدقة أفضل من العلانية، وكلٌّ مقبول إذا كانت النية صادقة، واختلفوا في المراد بالصدقة المذكورة في الآية فقال الأكثرون: المراد بها: صدقة التطوع. واتفق العلماء على أن كتمان صدقة التطوع أفضل، وإخفاءها خير من إظهارها؛ لأن ذلك أبعد من الرياء، وأقرب إلى الإخلاص؛ ولأن فيه بعدًا عما تؤثره النفس من إظهار الصدقة، وفي صدقة السر أيضًا فائدة ترجع إلى الفقير الآخذ، وهي أنه إذا أُعطي في السر .. زال عنه الذل والانكسار، وإذا أُعطي في العلانية .. يحصل له الذل والانكسار. انتهت.

ويدل على أن صدقة السر أفضل، ما روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله تعالى ... " الحديث، وفي آخره: "ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

ووجه جواز إظهار الصدقة (٢) يكون ممن قد أمن على نفسه من مداخلة الرياء في عمله، أو يكون ممن يُقتدى به في أفعاله، فإذا أظهر الصدقة تابَعه غيره


(١) الشوكاني.
(٢) الخازن.