ذكر المفسرون رحمهم الله تعالى: أن هذه السورة نزلت في نفر من قريش، منهم الحارث بن العاص السهمي، والعاص بن أبي وائل، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن عبد المطلب بن أسد، وأمية بن خلف في جماعة آخرين من صناديد قريش وساداتهم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: له هلم يا محمد، فاتبع ديننا ونتبع دينك، ونشركك في أمرنا كله، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان في جئت به خيرًا كنا قد شركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان في بأيدينا خيرًا كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت حظك منه، فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره، وأنزل الله ردًا على هؤلاء هذه السورة، فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الحرام، وفيه ملأ من قريش، فقام على رؤوسهم، ثم قرأ عليهم هذه السورة حتى فرغ منها، فأيسوا منه عند ذلك، وطفقوا يؤذون أصحابه حتى كانت الهجرة، قال ابن عباس: وفيهم نزل أيضًا قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أن قريشًا قالت: لو استلَمْتَ آلهتنا لعبدنا إلهك، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) ...} السورة كلها.