وقرأ ابن عباس والضحاك شذوذًا أيضًا:{كُتّابا} على الجمع اعتبارًا بأن كل نازلة لها كاتب. وروي عن أبي العالية شذوذًا أيضًا:{كُتبًا} جمع كتاب، وجمع اعتبارًا بالنوازل أيضًا.
وقرأ الجمهور:{فَرِهَانٌ} جمع رهن، نحو كَعْب وكِعَاب. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {فرُهُن} بضم الراء والهاء. وروي عنهما شذوذًا تسكين الهاء. وقرأ بكل واحدة منهما جماعة غيرهما.
والرهن لغة (١): الثبوت والدوام، يقال: رهن الشيء إذا دام وثبت. وشرعًا: ما وضع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ منه دينًا، يُستوفى منه الدين عند تعذر الوفاء. واتفق العلماء على جواز الرهن في الحضر والسفر جميعًا، ومع وجود الكاتب وعدمه، والظاهر من قوله:{مَقْبُوضَةٌ} اشتراط القبض. وأجمع الناس على صحة قبض المرتهن وقبض وكيله مِثلًا.
{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}؛ أي: فإن أمن الدائن فاستغنى عن الرهن ثقة بأمانة صاحبه {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ}؛ أي: فليدفع المدين الذي اؤتمن على الدين {أَمَانَتَهُ}؛ أي: حق صاحبه.
وحاصل المعنى: فإن وثق رب الدين بأمانة الغريم، فدفع إليه ماله بغير كتاب ولا إشهاد ولا رهن .. فليؤدِ الغريم أمانته؛ أي: ما ائتمنه عليه رب المال. وقرأ أُبي شذوذًا:{فإن أُومن} رباعيًّا مبنيًّا للمفعول؛ أي؛ آمِنه الناس، هكذا نقل عن أُبيّ هذه القراءة الزمخشري، وقال السجاوندي: وقرأ أُبي شذوذًا: {فإن ائتمن} افتعل من الأمن؛ أي: وثق بلا وثيقة صك ولا رهن. وقرأ ابن محيصن وورش بإبدال الهمزة ياء، كما أبدلت في بئر وذئب، وذلك شذوذًا أيضًا.
وأصل هذا الفعل: اؤتمن بهمزتين الأولى: همزة الوصل، وهي مضمومة والثانية: فاء الكلمة، وهي ساكنة. وقرأ عاصم في شاذِّه:{اللذتيمن} بإدغام التاء المبدلة من الهمزة قياسًا على أشر في الافتعال من اليسر، ذكره أبو حيان في