ومنها: الجزالة التي لا تصحّ من مخلوق بحال، وتأمّل ذلك في سورة: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)} إلى آخرها، وقوله سبحانه:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} إلى آخر السورة، وكذلك قوله:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} إلى آخر السورة. قال ابن الحصار فمن علم أنّ الله سبحانه وتعالى هو الحقّ، علم أنّ مثل هذه الجزالة لا تصحّ في خطاب غيره، ولا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، ولا أن يقول:{وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ}.
قال ابن الحصار: وهذه الثلاثة من النظم، والأسلوب، والجزالة، لازمة كلّ سورة، بل هي لازمة كل آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميّز مسموع كلّ آية، وكلّ سورة عن سائر كلام البشر، وبها وقع التحدّي، والتعجيز، ومع هذا، فكل سورة تنفرد بهذه الثلاثة من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشرة، فهذه سورة الكوثر ثلاث آيات قصار، وهي أقصر سورة في القرآن، وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين.
أحدهما: الإخبار عن الكوثر، وعظمه، وسعته، وكثرة أوانيه، وذلك يدل على أنّ المصدّقين به أكثر من أتباع سائر الرسل.
والثاني: الإخبار عن الوليد بن المغيرة، وقد كان عند نزول